المقالة الخامسة : تواطؤ جيانغ زمين والحزب الشيوعي الصيني معًا في اضطهاد الفالون غونغ

توطئة

جيانغ يطلق الكلب – لوو غان ومكتب 610 اللذان يقتلان الأبرياء. صورة © الإيبوك تايمز

كانت السيدة جانغ فوجان، البالغة من العمر 38 سنة ً تقريبًا، موظفة بسيانهه بارك، في مدينة بينغدو، من مقاطعة شاندونغ بالصين. ذهبت هذه السيدة إلى بيكين للمناداة بحقّ ممارسة الفالون غونغ في نوفمبر 2000، ونتيجة لذلك احتجـزتها السلطات. بناءًا على معلومات مصادر داخلية، فإنّ رجال الشرطة قد عذبوا جانغ فوجان وأهانوها، وجرّدوها تمامًا من ثيابها وحلقوا شعرها. وأوثـقوها إلى سرير بحيث يكون كلّ طرف من أطرافها الأربعة مشدودًا إلى جهةٍ - ونتيجة ً لذلك، كانت مُجبَرَة على التخلــّص من فضلاتها على السرير. وفيما بعدُ، حـقنها رجال الشرطة بمادّة سامّة غير معروفة. بعد الحقن، أحسّت جانغ بألم ٍ فظيـع ٍ إلى درجة أنها أوشكت على الجنون. وهكذا ظلــّت تصارع، وهي على الفراش، تلك الآلام الفظيعة إلى أن ماتت. وقد عاين موظفون محلــّيون من مكتب 610 المشهد من بدايته إلى نهايته. (حسب تقرير بتاريـخ 23 يوليو 2004 نـُشِرَ على موقع الانترنت كليرووزدم). [1]

كانت السيدة يانغ ليرونغ تبلغ من العمر 34 سنة، وتقطن بشارع بنيمان بمدينة دينغجو، من إقـليم باوودينغ، التابع لمقاطعة نيباي. طالما أزعجت الشرطة عائلة يانغ ليرونغ وضايقتها لأن يانغ كانت تمارس الفالون غونغ. في 8 فبراير 2002، وبعد زيارة ليليّة فجئيّة من الشرطة، أصيبَ زوج السيدة يانغ، وهو ميكانيكي في مكتب الأرصاد والقيس الجوّي، بصدمة. لقد خاف من فقدان عمله، ولم يقوَ على تحمّـل الضغط الهائـل الذي كانت تمارسه السلطات عليه. وفي صبيحة اليوم التالي، عند الفجر، انتهز فرصة خروج الوالدان العجوزان من المنزل وقام بخنق زوجته. ماتت يانغ ليرونغ بطريقة مأساويّة، تاركة ً وراءها طفلاً ابـن 10 سنوات. وإثر ذلك بقـليل، أخبر زوجها السلطات بما حدث، فهرعت الشرطة إلى مكان الحادث لتقوم بتشريـح جثة يانغ، التي كانت لم تبرُد بعد. وقامت بنزع العديد من أعضاءها في حين كان جسدها لا يزال بعد دافئـًا وينزف. لقد قال شخص تابـع لمكتب الأمن العمومي بدينغجو :"هذا ليس بتشريـح جثة، هذا تشريح حيّ !" (وفق تقرير نـُشِرَ على موقع الانترنت كليرووزدم بتاريـخ 22 سبتمبر 2004). [2]

داخل مخيّم العمل الإجباري بوانجييا، مقاطعة هايلونغجيانغ، وقع تعليـق امرأة حامل في شهرها السابـع إلى عارضة. كانت يداها موثـقتان بحبل غليظ ملفوف حول بكرة مشدودة إلى العارضة، ثمّ تمّ جذب المقعد الذي كان يُسندها. وهكذا ظلــّت معلــّقة في الهواء. كان ارتفاع العارضة حوالي 3 أو 4 أمتار فوق الأرض. كان الحبل يمرّ عبر البكرة، وكان حرّاس السجن يمسكون بطرف الحبل. عندما كان الحرّاس يجذبون الحبل، كانت تبقى معلــّقة في الهواء، وحالما كانوا يتركونه، كانت تسقط على الأرض. وهكذا تعرّضت المرأة الحامل لعملية التعذيب تلك، إلى أن أجهضت. والأمـر الأشدّ قسوة ً هو أنهم أجبروا زوج تلك المرأة على النظر إلى ذلك المشهد، مشهد زوجته وهي تتعذب. (وفق تقرير نـُشِرَ على موقع الانترنت كليرووزدم بتاريخ 15 نوفمبر 2004، حوار مع السيدة وانغ يوجي التي عُذبَت لأكثر من 100 يوم في مخيّم العمل الإجباري بوانجييا). [3]

هذه المآسي المذهلة حدثت في صين اليوم. لقد حدثت لممارسي الفالون غونغ المُضطهدين بقسوة. والوقائع المذكورة أعلاه ليست سوى بضعة قليلة من الوقائع التي حدثت خلال السنين الخمس الماضية من الاضطهاد المستمرّ.

منذ أن انخرطت الصين في إصلاحات اقتصادية، سعى الـح ش ص جاهدًا لرسم صورةٍ إيجابيّةٍ عنه في نظر المجتمع الدّولي، صورة إيجابيّة ومتحرّرة. ومع ذلك، فإنّ اضطهاد الفالون غونغ في هذه السنين الخمس المنصرمة، هذا الاضطهاد الدّموي، المجنون، الواسع، العنيف، والقاسي، قد أتاح للمجتمع الدّولي أن يكتشف مرّة ً أخرى الوجه الحقيقي للـح ش ص، وأكثر فصل مُخجل في سجلّ حقوق الإنسان لديه. إنّ غالبيّة الشعب في الصين قد ضلــّـلت عينيها الإصلاحات والتقدّم الذي أحرزه الحزب، لذلك درجت على إلصاق التهمة بالشرطة وما عُرفَ عنهم من أخلاقيات منحطـّة، كلـّما وقعت انتهاكات فظيعة يرتكبها النظام التشريعي ونظام تنفيذ القوانين في البلاد. ولكنّ الاضطهاد العنيف والمُمنهج للفالون غونغ، والحاضر في كلّ شريحة من شرائح المجتمع الصيني، بخـّر تمامًا الأمل في تحسين وضع حقوق الإنسان. الكثيـر من الناس يتساءلون اليوم كيف يمكن أن يحدث مثـل ذلك الاضطهاد الدامي والشائن في الصين. كنـّا نظنّ أنّ الوضع الاجتماعي قد استقرّ من جديد بعد الفوضى التي عمّت في الثورة الثقافية منذ عشرين سنة، إذ ًا لِمَ دخلنا من جديدٍ في حلقة الأحداث المرعبة، حلقة الكوابيس تلك ؟ لماذا الفالون غونغ، الذي يتـّبع مبادئ "الحقّ والرحمة والصبر" والذي اتـّبعه الناس في أكثر من 60 بلدًا، يُضطـَهَدُ في الصين فقط ، وليس في أيّ من غيرها من بلدان العالم ؟ ماهي العلاقة بين جيانغ زمين والـح ش ص في هذا القمع ؟

إنّ جيانغ يعوزه الاقـتدار والنزاهة الأخلاقية في آن واحد. بدون آلة عنف مُبرمجة بدقــّة مثـل الـح ش ص، آلة تعتمد على القـتل والكذب، لم يكن ليتسنـّى له أبدًا أن يقود تلك المجزرة، مجزرة امتدّت إلى كلّ مكان في الصين وتجاوزت حتـّى حدود الصين. من جهةٍ أخرى، من المُستبعد أيضًا أن يسير الـح ش ص بنفسه ومن تلقاء نفسه ضدّ الموجة التاريخية الحاليّة، وضدّ البيئة التي خلقـتها إصلاحاته الاقتصادية الحديثة وضدّ محاولاته في الانفتاح على العالم ؛ فقط ديكتاتور عنيد مثـل جيانغ زمين، مصمّم على ألاّ يتصرّف سوى وفق هواه الشخصي، كان يمكن أن يجرّ وضعيّة كتلك. إنّ التواطؤ والشبه والتوافق ما بين جيانغ زمين وشيطان الـح ش ص قد أوصلا فظائع الاضطهاد إلى درجة لم يسبق لها مثيل. إنّ ذلك شبيه بمَثـل ما يمكن أن يُحدثه رجع الصّدى، إنّ صدى صوت مصعد التزلج على الثـلج المتراكم يمكن أن يُحدث انهيارًا ثـلجيّا ويُسبّب عواقب وخيمة.

I. الظروف المتشابهة تـُفرز أحداثـًا متشابهة

وُلد جيانغ زمين في سنة مليئة بالاضطرابات، وهي 1926. ومثـلما يُخفي الـح ش ص التاريـخ الدامي لنشأته وتطوّره، كذلك أخفى جيانغ زمين عن الحزب وعن الشعب الصيني تاريخه الشخصي، والمتمثـل في كونه خائنـًا لوطنه.

في السنة التي كان جيانغ زمين سيبلغ فيها 17 سنة ً، كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها. في 1942، وفي حين كانت مجموعات الشباب الوطنيين تمضي الواحدة تـلو الأخرى إلى خطوط المواجهة لمحاربة اليابانيين وإنقاذ الصين، آثر جيانغ زمين مواصلة دراسته العليا في الجامعة المركزية المُؤسسة من طرف نظام وانغ دجينغواي بنانجينغ، ذلك النظام الذي كان دمية تحرّكها أيدي قوّات الاحتلال. ومثـلما بيّنت التحقيقات التي قامت بها مختلف المصادر، فإنّ السبب الحقيقي هو أنّ الأب البيولوجي لجيانغ زمين، جيانغ شيجون، كان في يوم من الأيّام ضابطـًا بـرتبة قائد في قسم الدّعاية المناهضة للصين في الجيش الياباني، بعد أن احتلــّت اليابان مقاطعة دجيانغسو عندما اجتاحت الصين. لقد كان جيانغ شيجون خائنـًا لوطنه – الصين - بأتمّ معنى الكلمة.

إنّ جيانغ زمين والـح ش ص يتساويان في الخيانة وفي الخديعة، كلاهما مُجرّد من العاطفة تجاه الشعب الصيني، إلى درجة أنه يجرؤ على قـتل النفوس البـريئة ببرودٍ ودون أن يهتـزّ له قـلب.

لقد تسرّب جيانغ زمين داخل الـح ش ص، بعد أن انتصر هذا الأخير في الحرب الأهلية، وكان هدفه هو تنمية ثروته الخاصّة وتقوية مركزه الشخصيّ. ولبلوغ هذا الهدف ألـّف كذبة : وهي أنّ عمّه جيانغ شانغتشينغ قد تبنـّاه وربّاه، وهذا العمّ التحق في شبابه بصفوف الـح ش ص، ثمّ مات مقتولاً بالرصاص على أيدي قطـّاع طرق. وبفضل هذه الرواية العائلية المُختلقة، تمّت ترقيته إلى منصب نائب وزير للصناعة الالكترونية في ظرف سنوات قـليلة فقط في حين أنه كان مجرّد موظف بسيط. إنّ ترقية جيانغ لم تكن بسبب كفاءته، بل بسبب علاقاته الشخصية ووساطاته.

أثناء تولــّيه منصب أمين الـح ش ص بمدينة شانغهاي، لم يدّخر جيانغ زمين جهدًا في التحذلق لشخصيّات مهمّّة في الحزب، مثـل لي سيانـّيان و شان يون [4] اللذان كانا يأتيان إلى شانغهاي كلّ سنة لحضور مهرجان الربيـع. في أحد الأيام، عندما كان أمين الحزب لمدينة شانغهاي، بلغ به الأمر إلى الوقوف والانتظار ساعات طويلة وسط الثـلج المتراكم ليسلــّم كعكة عيد ميلاد بصفة شخصية لـلي سيانـّيان.

لقد كانت مجزرة تيانانمن مُنعرجًا آخـر في حياة جيانغ زمين. لقد أصبح الأمين العامّ للـح ش ص بفضل إغلاقه لصحيفة ليبرالية :"البريد العالمي الاقتصادي"، ووضعه لرئيس مؤتمر الشعب - وان لي - قيد الحراسة الدائمة، ومساندته للمجزرة. وحتـّى قبل وقوع المجزرة، مرّر جيانغ زمين رسالة سرّية لدانغ سياووبينغ، طالبًا منه اتـّخاذ "إجراءات صارمة" بشأن الطلبة، وإلاّ فإنّ "الأمّة والحزب كليْهما سيقـع استعباده". أثناء الخمسة عشر سنة الماضية، قاد جيانغ دون رقيبٍ ولا حسيبٍ حملات قمع وتقـتيل كلّ الانفصاليين وكلّ مجموعة لديها أفكار مستقلــّة، بتعلــّة "الاستقرار هي الأولوية الأولى".

مذ أن بدأت روسيا والصين تراقبان حدودهما المشتركة في 1991، لم يستنكر جيانغ زمين مطلقــًا اكتساح الصين من طرف التزار والاتحاد السوفييتي السابق، ووافق تمامًا على كلّ المعاهدات بين روسيا والصين رغم ما تحتوي عليه هذه المعاهدات من حيفٍ وتفاوتٍ، بداية ً من معاهدة إيغون، مُزيلاً بصفة نهائيّة من على الخارطة أراض ٍ صينيّة تمسح أكثر من مليون كيلومتر مكعّب.

إذ ًا من خلال تاريخه الشخصيّ، وادّعاءه كونه يتيمًا، وكون والده الفقيد هو شهيد من شهداء الـح ش ص-في حين أنه في الحقيقة كان الابـن الأكبر لعميل وخائن صينيّ - قد احتذى جيانغ زمين شخصيّا بمَثـل الـح ش ص في الكذب والبهتان، وعندما ساند مجزرة "4 يونيو"، وقام بقمع الحركات الديموقراطية والعقائد الدينية، قد تبنـّى شخصيّا ممارسات الـح ش ص المعروفة وهي القـتل. وتمامًا مثـلما كان الـح ش ص يأتمر بأوامرالاتحاد السوفييتي بصفته فرع الشرق الأقصى للعالمية الشيوعية، هاهو جيانغ زمين الآن يوزّع مجّانـًا الأراضي الصينية، وهذا العمل الخائن أيضًا هو عمل طالما درج الـح ش ص على فعله.

إنّ جيانغ زمين والـح ش ص ينحدران من نفس الأصل، ولهما نفس التاريـخ المخجل، لذلك يعيش كلاهما من خوفٍ دائم ٍ من فـقدان سلطته.

II. حـقّ رحـمة صبـر : كلمات تـُرعب جيانغ زمين والـح ش ص

 

إنّ تاريـخ العالمية الشيوعية قد كـُتـِبَ بالدّم، دم مئات ملايين الناس. تقريبًا كلّ بلد شيوعي قد اتـّبع مسارًا مماثلاً لمسار قمع أعداء الثورة الذي قاده ستالين في الاتحاد السوفييتي السابق. ملايين، بل عشرات ملايين النفوس البريئة قـُـتِلت. في السنوات 1990، انحلّ الاتحاد السوفييتي ومرّت أوروبا الشرقية بتغييرات جذرية. بين عشيّةٍ وضحاها، فـقد الشقّ الشيوعي أكثر من نصف أراضيه. وتعلــّم الـح ش ص العبرة من الدرس : لقد فهم أنه إذا أوقف القمع وسمح بحرّية التعبير، فإنه إنما يجري لحتفه. إذا سمح الـح ش ص للناس أن يعبّروا بحرّية، فكيف سيتسنّى له أن يخفي فظائعه الدّامية ؟ وكيف سيتسنّى له أن يبرّر ايديولوجيته الخدّاعة ؟ إذا توقـف القمع وتحرّر الناس من ربقة الخوف، فسيجرؤون على تبنـّي طرق عيش ومُعتقدات تختلف عن الشيوعية، أليس كذلك ؟ إذ ًا فكيف سيحتفظ الحزب الشيوعي بالقاعدة الشعبية الضرورية لبقاءه ؟

إنّ الـح ش ص يبقى في العمق هو نفسه، رغم كلّ التغييرات التي قام بها على السطح. بعد مجزرة 4 يونيو، دعى جيانغ زمين إلى "القضاء على كلّ عوامل عدم الاستقرار وهي في مرحلتها الجنينية". لقد كان الرعب يملأه، لذلك قرّر ألاّ يعزف أبدًا عن الكذب على الشعب، وأن يستمرّ في قمع الناس إلى أن يستعبدهم كلــّيًا.

لقد أدخِل الفالون غونغ إلى الصين في تلك الفترة بالذات. في البداية اعتبره الكثيرون نوعًا من التشيكونغ [5]، فعّالاً جدّا في توفيـر الصحة الجيّدة ومنح الطاقة. ثمّ تدريجيّا، فهم الناس أنّ أهمّ شيءٍ في الفالون غونغ لا يكمن في تلك التمارين الخمسة البسيطة، بل في تعاليمه التي تعلــّم الناس كيف يكونون أفضل بالاعتماد على مبادئ "الحقّ، والرحمة، والصبر".

1- الفالون غونغ يعلــّم "الحقّ، الرحمة، الصبر" والحزب الشيوعي ينشر "الكذب، الكره، الصراع"

الفالون غونغ يدعو إلى الحقّ : هذا يتضمّن بالخصوص قول الحقيقة والتصرّف بنزاهة. بينما الـح ش ص قد اعتمد على الأكاذيب لغسل أدمغة الناس. إن أخذ كلّ شخص في قول الحقيقة، فسيعلم الشعب أنّ الـح ش ص قد توصّل ببراعة إلى اكتساب رضى الاتحاد السوفييتي، يقـتل، ويخطف، ويلوذ بالفرار أيضًا إن اقتضى الأمر، ويزرع الأفـيون، ويستغلّ استغلالاً فاحشًا قضيّة الكفاح ضدّ الاحتلال الياباني، وما إلى ذلك. بل لقد أعلن الـح ش ص يومًا أنه "بدون الكذب، لا يمكن تحقيق شيءٍ ذي أهمّية". بعد أن استولى الـح ش ص على السلطة، قاد حركات سياسية متعاقبة ولطـّخ يديه بدم الأبـرياء. إنّ الدعوة إلى الحقيقة ونشرها تعني ببساطة مصيرًا مُهلكـًا للـح ش ص.

الفالون غونغ يدعو إلى الرحمة، وهذا يعني مراعاة مصلحة الآخرين قبل كلّ شيءٍ، والإحسان للآخرين في كلّ الظروف. بينما الـح ش ص لم يُناد طول الوقت سوى بـ "الصراعات العنيفة والقمع الذي لا هوادة فيه". الشخصية النموذجية للـح ش ص هو لاي فانغ، وقد قال يومًا :"علينا أن نعامل أعداءنا بدون شفقة، وببرودٍ كبرد الشتاء القاسي". في الواقع، لم يكتـف الـح ش ص بمعاملة أعداءه بتلك الطريقة، بل أبناؤه أيضًا لم يلقــَوْا منه معاملة أفضل. مؤسّسو الحزب الشيوعي، والآمرون والقوّاد، والماريشالات، وحتـّى رئيس البلاد، كلــّهم وقـع استجوابهم بقسوة، وضربهم بوحشيّة، واضطهادهم في ظروف تعيسة. لقد كان تقـتيل من يدّعي بأنهم "الأعداء الطبقيـّون" يتـّصف بعنفٍ ووحشيّةٍ تقشعرّ لها الأبدان. لو كانت الطيبة تسود المجتمع، لما كان لحركاتٍ شعبيّة مبنيّة على "الشرّ" كتلك التي أنشأها الحزب أن تحدث أبدًا.

إنّ بيان الحزب الشيوعي يُعلن أنّ تاريـخ أيّ مجتمع هو تاريـخ صراع بين الطبقات. هذا هو تصوّر الحزب الشيوعي لتاريـخ العالم. أمّا الفالون غونغ، فهو يدعو الإنسان إلى البحث عن أسباب النقص في ذاته عندما يواجه مشاكل وخلافات. هذا الحِلم ومحاسبة الفرد لنفسه قبل الآخرين يقف على طرف النقيض تمامًا من فلسفة الـح ش ص الداعية إلى الصراع والعدوانية.

لقد كان الصراع، بالنسبة للـح ش ص، هو الوسيلة الأساسية التي بواسطتها نال السلطة السياسية وظلّ على قيد الحياة. لقد أطلق الحزب بصفة دوريّة حركات سياسية لقمع بعض المجموعات، وذلك كان يشحنه مُجدّدًا بالطاقة و "يُذكي فيه روح الصراع الثوري". وقد أعاد نفس العملية مِرارًا، دائمًا مصحوبة ً بالعنف والخديعة، مُجدّدًا ومُرسّخـًا الخوف في نفوس الناس لئلاّ تضيـع منه السلطة.

إنّ الفلسفة التي ارتكز عليها للحفاظ على حياته، من منظور ايديولوجي، هي على طرف النقيض تمامًا ممّا يعلــّمه الفالون غونغ.

2- أولئك الذين لديهم إيمان حقيقي بقلوبهم لا يعرفون الخوف ؛ وخوف الناس ركيزة أساسية للـح ش ص للحفاظ على حياته

أولئك الذين يُدركون الحقيقة ليس في قلوبهم خوف. لقد اضطـُهـِدت المسيحية لمدّة تقارب 300 سنة. مسيحيّون كثيرون قـُـطـِعت رؤوسهم، أو أحر ِقوا أحياء، أو أغر ِقوا، أو ألقي بهم طعامًا للأسود والنمور، ولكنّ المسيحيين لم يتخلــّوْا عن دينهم. عندما واجهت البوذية محنة الدهارما في التاريـخ، برهن البوذيون هم أيضًا على إخلاص ٍ لدينهم وتمسّـكٍ به لا يقـلّ روعة.

إنّ خطاب دعاية الإلحاد يريد أن يوهم الناس أنه ليس هناك جنّة ولا جحيم، وليس هناك ثواب ولا عقاب، وما نتج عن ذلك هو أنّ الناس لم يعودوا محكومين بضمائرهم. وبدل ذلك، هم ينصرفون كلــّيًا للسعي وراء المال ورفاه العيش ولا يفكـّرون سوى في العالم المادّي فحسبُ. وانطلاقــًا من ثمّ، يصير من السهل استغلال مواطن الضعف في الطبيعة البشرية، وهكذا، باستعمال التهديد تارة ً والإغراء تارة ً أخرى، يتسنّى للحزب الشيوعي أن يتحكـّم في الناس كلــّيًا. ولكن، من في قـلوبهم عقيدة دينية راسخة، يُدركون ما وراء الحياة وما وراء الموت. لذلك هم لا يغترّون بسراب الحياة الدنيا وزيْـفها. ومن ثمّ فلا رغبات العالم الأرضي تستهويهم ولا تهديدات الموت تـُخيفهم، لذا فإنّ الحزب الشيوعي عندما يُريد التحكـّم فيهم، تذهب جهوده عبثــًا ولا يجني سوى التعب.

3- القيم الأخلاقية العالية للفالون غون تـُؤرق الـح ش ص

بعد مجزرة 4 يونيو 1989، أفلست ايديولوجية الـح ش ص إفلاسًا تامّا. في أغسطس 1991، انهار الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، وأعـقبت ذلك الانهيار تغييرات جذرية في أوروبا الشرقية. وقد سبّب ذلك هلعًا وضغطـًا هائلاً داخل الـح ش ص. في تلك الآونة الصعبة التي كان يواجه فيها أزمات كبرى داخلية وخارجية، كان يواجه في نفس الوقت تحدّيًا هائلاً وغير مسبوق يتمثـل في شرعيّة سلطته أو عدمها من الأساس، وفي حظوظه في البقاء على قيد الحياة. في ذلك الحين، كان الـح ش ص قد صار غيـر قادر على توحيد صفّ أعضاءه وجمع شملهم حول النظريّات الأساسية، النظريّات الماركسية واللينينية والماوية. ولكنه، بدل ذلك، كان يُقابل إخلاص أعضاءه وولائهم له بالفساد. بعبارةٍ أخرى، من كان يتـّبع الحزب كان يتمكـّن من تحقيق مآرب وأرباح شخصية عن طريق الفساد وسرقة أموال الدولة، وكان ذلك امتيازًا لا يحلم به من لم يكن عضوًا في الحزب. وخصوصًا منذ جولة دانغ سياووبينغ في الصين الجنوبية في 1992 [6]، فإنّ جشع موظفي الحكومة والفساد سواءًا في الميدان العقاري أو في سوق البورصة بلغا حدّا فاق السيطرة. كما أصبح البغاء والسوق السوداء في كلّ مكان. تجارة الجنس، والميسر، والمخدّرات هي الآن علـل مستوطنة في كامل الصين. ورغم أنه ليس من الإنصاف القول بأنه لم يعد هناك بتاتـًا أيّ شخص صالح داخل الحزب الشيوعي، فإن معظم الشعب قد فـقد منذ زمن طويل الثقة في جهود الحزب في مكافحة الفساد ؛ ويعتقد أنّ أكثر من نصف الموظفين العاديين أو السامين فاسدون.

وفي الآن نفسه، فإنّ القيم الأخلاقية السامية التي تجلــّت عند ممارسي الفالون غونغ – الذين يمارسون "الحقّ، الرحمة، الصبر"، كان لها خير وقـع ٍ في نفوس الناس. أكثر من 100 مليون شخص أعجـِبوا بالفالون غونغ وشرعوا في ممارسته. إنّ الفالون غونغ هو مرآة صدق ٍ، ومجرّد طبـيعتها الحقــّة تكشف عدم استقامة الـح ش ص.

4- الـح ش ص تتملــّكه الغيرة الشديدة من الطريقة التي انتشر بها الفالون غونغ وطريقة تسييره

لقد ذاع الفالون غونغ وانتشر بصفة فريدة، إذ كان يذيـع خبره من فردٍ إلى آخر، من القـلب إلى القـلب. تنظيمه يتـّسم بالمرونة، كلّ واحدٍ بإمكانه أن يذهب ويأتي حينما يشاء، الأمر الذي يختلف كثيرًا مع التنظيم الصارم للـح ش ص. إنّ الدروس السياسية والأنشطة الجماعية المُبرمجة كلّ أسبوع، أو أكثر من مرّة في الأسبوع، في قطاعات الـح ش ص، لم تكن توجد إلاّ بصفة شكليّة. قـلــّة قـليلة من أعضاء الحزب كانوا متـّفقيـن مع ايديولوجية الحزب. وخلافـًا لذلك كان تلاميذ الفالون غونغ يتـّبعون عن تمام وعي وبمحض إرادتهم مبادئ "الحقّ، الرحمة، الصبر". بفضل الفاعلية القوية للفالون غونغ في تحسين الصحة البدنية والنفسية، فإنّ عدد الممارسين كان يتزايد بشكل مستمرّ. كان التلاميذ يدرسون مجموعة كتب السيد لي هونغ جي، وكانوا يعرّفون بالفالون غونغ من تـلقاء أنفسهم وبالاعتماد على إمكانياتهم الخاصة. في ظرف سبع سنين، بلغ عدد تلاميذ الفالون غونغ 100 مليون شخص. كانوا عندما يمارسون التمارين صباحًا، تتناهى إلى الأسماع موسيقى تمارين الفالون غونغ يكاد يكون في كلّ حديقة بالصين.

لقد قال الحزب الشيوعي أنّ الفالون غونغ كان "ينافس" الـح ش ص وأنه كان "دينـًا". في الحقيقة ما يجـلبه الفالون غونغ هو ثقافة ونمط عيش. إنها ثقافة قديمة ضاربة في عمق التراث الصيني، فقدها الشعب منذ زمن طويل. لقد خاف جيانغ زمين والحزب الشيوعي من الفالون غونغ، لأنّ هذه التربية الأخلاقية والأصيلة، مُذ وجدت طريقها إلى قـلب الشعب، لم يعُد بإمكان أيّ شيءٍ أن يوقف انتشارها السريـع. مُعتقدات الشعب الصيني الأصيلة المتوارثة قد اجتـُثـّت وشُوّهت من طرف الحزب الشيوعي لمدّة عقودٍ من السنين. كان يمكن أن تكون العودة للأصل هي خيار التاريـخ. كان يمكن أن يكون ذلك هو طريق العودة الذي تختاره الغالبية العظمى من الناس بعد الأحزان والمصاعب. إن أعطي الناس حرّية الاختيار، فإنهم بالتأكيد سيميّزون بين الحقّ وغير الحقّ، وعلى أرجح تقدير سيتركون وراءهم طريق الشرّ. وسيكون ذك بالأساس رفضًا جذريّا لما يدّعيه الحزب وتخلــّيًا عنه، سيكون ذلك بمثابة ضربة قاضية تقضي على ضعف الـح ش ص. فعندما تجاوز عدد ممارسي الفالون دافا عدد أعضاء الحزب، يمكن أن نتصوّر الخوف العميـق للـح ش ص وغيرته.

إنّ الـح ش ص في الصين يمارس سيطرة كلــّية على كلّ جانبٍ من جوانب المجتمع. هناك في الأرياف فروع للـح ش ص في كلّ قريةٍ صغيرةٍ. في المدن، نجد فروعًا للحزب في كلّ مكتبٍ إداريّ. فروع الحزب تصل حتـّى إلى جذور الجيش، والحكومة، والمؤسّسات. لكي يحافظ الـح ش ص على نظام حكمه، هو يلجأ بالأساس إلى السيطرة المطلقة والتحكـّم. الدستور يذكر هذه المسألة بطريقة مُقنـّعة :"يحتفظ الحزب بدور التسيير". بينما تلاميذ الفالون دافا اتـّضح أنهم يميلون أكثر إلى اتـّباع مبادئ "الحقّ، الرحمة، الصبر". ولم يَـرَ الـح ش ص في ذلك سوى "إنكارًا للدور المسيّر للحزب". وهو أمر لا يسمح به مُطلقــًا.

 

5- الحزب الشيوعي يعتبر أنّ "الطابـع الديني" للفالون غونغ يهدّد شرعيّة النظام

إنّ عقيدة دينية حقــّة ستمثـل بالضرورة تحدّيًا لا يُستهان به أمام الـح ش ص. بما أنّ شرعيّة النظام الشيوعي مبنيّة على ما يُدعى بـ "المادّية التاريخية" والرغبة في إقامة "جنّةٍ على الأرض"، فلا يسعُهُ إذ ًا إلاّ أن يُعوّل على قيادة "الطليعة في العالم"، ألا وهو الحزب الشيوعي. وفي الوقت ذاته، فإنّ ممارسة الإلحاد قد مكـّنت الـح ش ص من أن يفسّر ويأوّل بحرّية كاملة ما هو الطيب، وما هو الجيّد وما هو السيّء. وبالتالي، لم يعد للناس المجال للحديث عن أيّة أخلاقيّات وعن أيّ تمييز بين الخير والشرّ. كلّ ما يجب أن يتذكـّره الناس هو أنّ الحزب دائمًا "عظيم ومَهيب وعادل".

ومع ذلك فإنّ الدين يُعطي الناس مقياسًا ثابتـًا يُحدّد الخير والشرّ. إنّ تلاميذ الفالون غونغ يُحدّدون الخير والشرّ بالاعتماد على "الحقّ، الرحمة، الصبر (/أو الحِلم)" وهذا يُمثـل عقبة واضحة أمام الجهود المُمنهجة التي يبذلها الـح ش ص في "توحيد تفكير الناس".

لو نواصل التحليل، فإنه لا تزال هناك تفسيرات أخرى. ومع ذلك فإنّ أيّا من العناصر المذكورة أعلاه كافٍ ليكون قاتلاً للـح ش ص. وفي الواقع، فإنّ جيانغ زمين يقمع الفالون غونغ لنفس الأسباب. أوّل ما بدأ به جيانغ زمين مسيـرته هو الكذب بخصوص ماضيه، إذ ًا من الطبيعي أنه يخاف من "الحقّ". عندما قمع الناس، فإنّ الأمر لم يطـُـل به وسرعان ما لمع نجمه وأصبح قويّا، إذ ًا من الطبيعي أنّ "الرحمة" أمر مُنفــّر بالنسبة له. وقد تمكـّن من الاحتفاظ بالسلطة بفضل الصراعات السياسية، إذ ًا من الطبيعي أنه يكره "الحِلم/الصبر".

هناك حادثة صغيرة تعطينا فكرة عن سخافة جيانغ زمين وغيـرته البالغة. متحف الآثار الثقافية بهامودو [7] في مقاطعة يوياوو - (وهي اليوم قد أعيدَ تصنيفها إلى تجمّع سكني) من مقاطعة جاجيانغ، هو موقع تاريخي وثقافي يقـع تحت مسؤولية إشراف الدولة. في الأصل، كان تشياو شي [8] هو صاحب المنقوشة الكتابية لهذا المتحف. في سبتمبر 1992، وأثناء الزيارة التي أدّاها جيانغ زمين للمتحف، رأى كتابة تشياو شي، فأظلم وجهه وصار عبوسًا وكئيبًا. عند ذلك أصبح الأعوان الذين يرافقونه عصبيين، لأنهم كانوا يعلمون أنّ جيانغ زمين لا يُطيـق تشياو شي وأنه يحبّ أن يضع نفسه في المقدّمة دائمًا، إلى درجة أنه يكتب منقوشة كتابية في كلّ مكان يذهب إليه، حتـّى عندما زار قسم الشرطة المرورية التابع لمكتب الأمن العمومي بجينان، أو جمعيّة المهندسين المتقاعدين بجانغجو. ولم يجرؤ موظفو المتحف على جرح كبرياء جيانغ، لذلك، في مايو 1993، وتحت ذريعة القيام بأشغال ترميم ٍ، أبدلوا كتابة تشياو شي بكتابة جيانغ قبل إعادة فتح أبواب المتحف.

يُقال عن ماوو تسي تونغ أنه لديه "أربـع مجلــّدات من الأفكار العميقة والقويّة"، بينما النصوص المختارة لدانغ سياووبينغ تحتوي على "نظريّة القط" [9] ذات الطابع البراغماتي. جيانغ زمين من جهته، اعتصر دماغه، فلم يستطع أن يُخرج سوى ثلاث جُمل، وادّعى أنه ابتكر "التمثيلات الثلاث". وتمّ إصدارها في كتاب، وقام الـح ش ص بالدعاية لهذا الكتاب في جميـع مستويات الحكومة، ولكنه كان يُباع فقط لأن الناس كانوا مُجبَرين على اشتراءه. رغم ذلك، فإنّ أعضاء الحزب أنفسهم لم يكونوا يحترمون جيانغ زمين بالمرّة. كانوا يُشيعون أقاويل بخصوص مغامراته مع مغنـّية، وبخصوص الواقعة المُحرجة التي غنـّى فيها "أو سو لي ميو" أثناء سفر ٍ له بالخارج، والحادثة التي أعاد فيها تصفيف شعره أمام ملك إسبانيا. عندما كان مؤسّس الفالون غونغ، لي هونغ جي، وهو مواطن عاديّ، يُلقي مُحاضرة، كانت القاعة تغصّ بالأساتذة والخبراء والجامعيين الصينيين الذين يدرسون بالخارج. كثير من الناس الحائزين على الدكتوراه أوعلى الإجازات كانوا يقطعون آلاف الكيلومترات ليأتوا ويستمعوا إليه. عندما كان السيد لي يُدرّس بطلاقة على المنصّة لعدّة ساعات، كان يفعـل ذلك دون أدنى مذكـّرة. وإثر ذلك، يتمّ نسخ المحاضرة على الورق ثمّ تـُنشَرُ في كتاب. كلّ هذا كان لا يُحتـَمَـلُ بالنسبة لجيانغ زمين، وهو على ما نعلم من عنجهيّة وغيرة وسخافة.

إنّ جيانغ زمين يعيش حياة بذخ، وكسل، وفساد. لقد دفع 900 مليون يوان (قرابة 91 مليون يورو) لشراء طائرة فارهة مخصّصة لاستعماله الشخصي. وكثيرًا ما نزع جيانغ جانبًا عشرات المليارات من خزائن الدولة لصرفها على مشاريـع ابنه. لقد مارس طريقة محاباة الأقارب بتوليتهم المناصب الحكومية وهكذا رفع أقاربه وخُدّامه إلى مناصب سامية أعلى من المنصب الوزاري، وقد لجأ إلى وسائل قصوى ومستميتة ليغطـّي جرائم أصدقاءه وفسادهم. لكلّ هذه الأسباب مجتمعة، فإنّ جيانغ يخشى من التأثير الأخلاقي للفالون غونغ، ويخشى بصفة أشدّ أن تكون المفاهيم التي تحدّث عنها الفالون غونغ – مفاهيم الجنّة والجحيم، والثواب والعقاب ؛ صحيحة بالفعـل.

إنّ جيانغ زمين، رغم أنه يملك أعلى سلطة داخل الـح ش ص، فإنه كان يفـتقر إلى الإنجازات السياسية والموهبة. كان دائمًا متخوّفـًا من أن تـقع تنحيته من السلطة بسبب الصراعات الداخلية في الـح ش ص حول السلطة، هذه الصراعات التي لا ترحم. كان موضعه في "قـلب" السلطة مجلبة للقـلق. ولكي يُصفـّي المعارضة، حاك دسائس دنيئة ليتخلــّص من أعداءه السياسيين يانغ شانغكون وشقيقه يانغ بايبينغ. في المؤتمر الوطني الخامس عشر للجنة الحزب الشيوعي (ل ح ش) في 1997، وفي المؤتمر الوطني السادس عشرللـ "ل ح ش" في 2002، أجبر جيانغ معارضيه على مغادرة مراكزهم. وهكذا فقد تجاهـل حتـّى التراتيب المفروض العمل بها، ولم يكن يهمّه سوى التشبّث بمركزه.

عقد الأمين العامّ الجديد للـح ش ص، جيانغ زمين، ندوة صحفيّة تضمّ صحفيين صينيين وأجانب. فأثار صحفيّ فرنسيّ قصّة طالبة كانت، بسبب ضلوعها في حادثة 4 يونيو، قد تمّ نقـلها إلى ضيعة في مقاطعة سيشوان لتحمل الآجر من مكان إلى آخر، وفيما بعد تعرّضت للاغتصاب مرّاتٍ عديدة من طرف القرويين هنالك. فأجابه جيانغ :"لا أدري إن كان ما تقوله صحيحًا أم لا، ولكن هذه المرأة كانت متمرّدة عنيفة. حتـّى وإن كان هذا صحيحًا، فإنها كانت تستحقــّه على كلّ حال." أثناء الثورة الثقافية، وقع إخضاع جيانغ جيسين [10] للاغتصاب الجماعي عندما كانت مُعتقـلة بالسجن، ثمّ قطعوا حنجرتها (لمنعها من الجهر بالحقيقة). وربّما أنّ جيانغ سيعتبر أيضًا أنها تستحقّ ذلك. بإمكاننا أن نرى بسهولة عقليّة جيانغ الفاسدة ونذالته وقسوته.

مُلخـّص القول أنّ تعطـّش جيانغ زمين للسلطة ونزعته الديكتاتورية، وقسوته وخوفه من "الحقّ، الرحمة، الصبر"، كلّ هذا كان وراء قراره إطلاق حملة قمع ضدّ الفالون غونغ، متـّفقة تمامًا مع أساليب وطرق الـح ش ص.

III. جيانغ زمين والـح ش ص يستعمل كلّ منهما الآخر

الجميـع يعلم أنّ جيانغ زمين مخادع ويستعمل الحيل والأكاذيب السياسية. جهله وعدم كفاءته هما أيضًا أمران معروفان. رغم أنه تمنـّى من كلّ قـلبه "القضاء" على الفالون غونغ من منطلق دوافع وأحقاد شخصيّة، فإنه لم يكن بوسعه أن يفعـل الكثير لأن الفالون متجذر في الثقافة الشعبية الصينية، وقد أصبح معروفـًا ومنتشرًا إلى درجة اكتساب قاعدة شعبية عريضة. ورغم ذلك فإنّ آليّات الغطرسة التي يستعملها الـح ش ص والتي تمّ بلورتها وصقـلها عبر فترات عديدة، كانت في أوج عطاءها، وكانت لدى الـح ش ص فعلاً نيّة القضاء على الفالون غونغ. لقد اغتنم جيانغ زمين منصبه كأمين عامّ للـح ش ص وأعطى إشارة الانطلاق - شخصيّا - لقمع الفالون غونغ. إنّ نتيجة الشراكة والتوافق بين جيانغ زمين والـح ش ص كانت أشبه ما تكون بانهيار جُرفٍ ثـلجيّ سبّبته صيحات أحد المتسلــّقين.

قبل أن يأمر جيانغ رسميّا بتصفية الفالون غونغ، كان الـح ش ص قد أخذ في ممارسة القمع، والرقابة، والقيام بأبحاث، واختلاق المواضيـع اختلاقـًا، وذلك لتلفيـق التـّهم للفالون غونغ. إنّ شيطان الـح ش ص قد أحسّ غريـزيّا بأنّ "حقّ، رحمة، صبر" تمثـل تهديدًا بالنسبة له، دون الحديث عن الانتشار غير المسبوق لهذه الطريقة. لقد تسرّب عُملاء سرّيون من قطاع الأمن العامّ للـح ش ص داخل الفالون غونغ منذ 1994، ولكنهم لم يجدوا أيّ مأخذٍ يُآخذون به الطريقة، بل إنّ بعضهم شرع يمارس الفالون غونغ بجدّيةٍ فعلاً. في 1996، خرقت صحيفة الغوانغمينغ دايلي "التحفـّظات الثلاث"، وهي السياسة الرسمية المتعلقة بالتشيكونغ ("الدولة لا تحثّ على القيام بأنشطة التشيكونغ، ولا تتدخـّـل فيها، ولا تـُدينها")، وذلك بنشرها لمقال ٍ يُندّد بايديولوجية الفالون غونغ. وبعد ذلك قام سياسيّون سبـق وأن عملوا في مجال الأمن العمومي أو يُعرَفون بـ : "علمانـيين" وينتمون للأوساط العلمية – قاموا بمضايقة الفالون غونغ باستمرار. في بداية عام 1997، استغلّ لووغان - وهو أمين اللجنة السياسية والقضائية للجنة المركزية للـح ش ص - سلطته وأمر مكتب الأمن العمومي بإجراء بحث حول الفالون غونغ على مستوىً وطني وذلك بنيّة إيجاد تـُهم ٍ يُمكن أن تـُبرّر منع الفالون غونغ.

وعندما أخبروه من جميع أنحاء البلاد أنهم لم يعثروا على أيّ دليل، أصدر لووغان المنشور رقم 555 والمُسمّى "ملاحظات بشأن بحث حول الفالون غونغ عن طريق الفرقة الأولى لمكتب الأمن العمومي (والمُسمّى أيضًا "مكتب الأمن السياسي")". وأوّل ما فعله هو اتـّهام الفالون غونغ بكونه "طائفة شيطانية"، ثمّ أعطى أوامره لأقسام الشرطة في أنحاء البلاد بإجراء بحوث عن الفالون بصفة منهجيّة، ويتضمّن ذلك اسخدام الأعوان السرّيين لجمع الأدلـّة. ولم يُفض البحث إلى أيّ دليل يُبرّر ذلك الاتـّهام.

وقبل أن يتمكـّن الـح ش ص - هذه المنظمة الشيطانية - من الشروع في قمع الفالون غونغ، كان في حاجةٍ للشخص المناسب لإعطاء إشارة الانطلاق للقمع. كان من أهمّ الأمور هو معرفة كيف سيتولــّى رئيس الـح ش ص هذه المسألة. مثـل أيّ شخص ٍ، من المفروض أنه يملك وجهيْن مُختلفيْن للطبيعة الإنسانية : الخير والشرّ. إن اختار أن يتـّبع جانب الخير في ذاته، إذ ًا فكان يُمكن أن يحُدّ وقـتيّا من اكتساح تلك الطبيعة الدنيئة للـح ش ص. وإلاّ فإنّ الطبيعة الشيطانية للـح ش ص ستتجلــّى تمامًا.

أثناء الحركة الطلابية المناصرة للديموقراطية في 1989، لم يكـُن جاوو تسيانغ - والذي كان وقتها أمينـًا عامّا للجنة المركزية للـح ش ص - ينوي أن يقمع الطلبة. ولكن العُمداء الثمانية للحزب، والمسيطرين على الـح ش ص، هم الذين أصرّوا. فنطق دانغ سياووبينغ آنذاك بعبارته الشهيرة :"سنقـتل200.000 شخصًا مقابل 20 سنة من الاستقرار". هذه الـ 20 سنة من الاستقرار المزعومة كانت في الحقيقة تعني 20 سنة من السلطة بالنسبة للـح ش ص. كانت هذه الفكرة تـتـّفق مع الهدف الأساسي لديكتاتورية الحزب، لذلك قبـِلها الـح ش ص.

فيما يخصّ الفالون غونغ، من بين الأعضاء السبعة الدائمين للمكتب السياسي لللجنة المركزية للـح ش ص، كان جيانغ زمين هو الوحيد المُصرّ على القمع. كان يُبرّر ذلك مُعلنـًا أنه مُرتبط بـ "بقاء الحزب والبلاد على قيد الحياة"، الأمر الذي كان العصب الحسّاس للـح ش ص ويُثير النزعة العدائية فيه. إذن في هذه النقطة، سعي جيانغ زمين للحفاظ على سلطته الشخصية وسعي الـح ش ص للحفاظ على ديكتاتوريته - ديكتاتورية الحزب الواحد، قد التقيا.

في مساء 19 يوليو 1999، ترأس جينغ زمين اجتماعًا يضمّ أعلى موظفي الـح ش ص. لقد اخترق القانون معتمدًا على سلطته السياسية، و "وحّد" وجهة نظر الأعضاء السبعة للجنة التنفيذية للمكتب السياسي، وقرّر شخصيّا شنّ قمع مُكثفٍ ضدّ الفالون غونغ. لقد منع الفالون غونغ باسم الحكومة الصينية وخدع الرأي العامّ. إذ ًا فالـح ش ص، والحكومة الصينية، والآليّات العنيفة التي يستعملها الحزب، كلــّها قد تمّ استعمالها في كامل فاعليـّتها ومردوديّتها في هذا القمع غير المسبوق، قمع ملايين ممارسي الفالون غونغ.

لو كان الأمين العامّ للـح ش ص في ذلك الحين شخصًا آخر غير جيانغ زمين، لم يكن قمع الفالون غونغ ليحدث. في هذا الصّدد يمكننا القول أنّ الـح ش ص قد استعمل جيانغ زمين.

من جهةٍ أخرى، لو لم يكن الـح ش ص قد لطـّخ يديه بدم الأبـرياء في السابق، تحدُوهُ في ذلك طبيعته الأثيمة، اللا-أخلاقية والوحشية، لم يكن ليعتبر الفالون غونغ تهديدًا بالنسبة له. دون السيطرة الكلــّية والنافذة للـح ش ص على كلّ شريحةٍ في المجتمع، فإنّ نيّة جيانغ زمين في قمع الفالون غونغ لم تكن لتحظى بتنظيم ٍ، وبتمويل ٍ، وبدعايةٍ، وبسند الديبلوماسيين، وسند الأعوان والأجهزة، وسند السّجون، والشرطة، وأقسام الأمن العمومي، والجيش، وبـ "السند المزعوم" للأوساط الدينية، والأوساط العلمية والتقنية، والأحزاب الديموقراطية، والهيئات النقابية، واللجان الشبابية، والجمعيّات النسائية، الخ. في هذا الصّدد يمكن أن نقول أنّ جيانغ زمين قد استعمل الـح ش ص.

IV. كيف استعمل جيانغ زمين الـح ش ص ليقمع الفالون غونغ

لقد استغلّ جيانغ زمين المبدأ التنظيميّ للـح ش ص والذي ينصّ على :"كلّ أعضاء الحزب يجب أن يتبعوا اللجنة المركزية"، واستغلّ الآلة الحكوميّة التي يسيطر عليها الـح ش ص، لتحقيق هدفٍ واحدٍ : اضطهاد الفالون غونغ. إنّ الجهاز الذي يسيطر عليه الـح ش ص يضمّ الجيش، ووسائل الإعلام، وأعوان الأمن العمومي، والشرطة، والشرطة المسلحة، وقوات أمن الدولة، والنظام القضائي، والتجمّع الشعبي الوطني، والأعوان الديبلوماسيين، والمجموعات الدينية المزيّفة. الجيش، الشرطة المسلحة، وشرطة نظام الأمن العمومي، والتي يسيطر عليها جميعًا الـح ش ص، قد شاركت مباشرة ً في عمليّات اختطاف ممارسي الفالون غونغ وعمليّات القبض عليهم. وسائل الإعلام الصينية قد ساعدت نظام جيانغ في ترويج الأكاذيب وتـلطيخ صورة الفالون غونغ. أمّا نظام أمن الدولة فقد استعمله جيانغ زمين شخصيّا وبصفةٍ مباشرةٍ، يجمع المعلومات ويتلاعب بها، ويلفـّـق الأكاذيب ويزيّف الحقائق. وقد تستـّر كلّ من التجمّع الشعبي الوطني وهيئة القضاء برداء "الشرعية" و "القانون" ليغطـّيا الجرائم التي يرتكبها جيانغ زمين والـح ش ص، وتوصّلا بنجاح إلى خداع الناس من كافـّة الفئات الاجتماعية. لقد تحوّلا إلى أداةٍ مجعولةٍ لخدمة جيانغ زمين وحمايته. وفي خط مواز ٍ، روّج النظام الديبلوماسي أكاذيب في المجتمع الدولي، ورشا بعض الحكومات الأجنبية والموظفين السّامين، ووسائل الإعلام الدولية، بواسطة امتيازات سياسية واقتصادية، ليضمنَ سكوتها بخصوص مسألة اضطهاد الفالون غونغ.

أثناء اجتماع للجنة المركزية والذي تمّ خلاله إصدار الأمر بقمع الفالون غونغ، صرّح جيانغ زمين :"أنا لا أستطيـع أن أصدّق أنّ الـح ش ص غير قادر على التغلــّب على الفالون غونغ." وأفضى التخطيط لاستراتيجية القمع إلى ثلاث إجراءات قمعيّة :"شوّهوا سمعتـ(هم) (تلاميذ الفالون غونغ)، أفقروهم مادّيا، وحطموهم جسديّا". وبهذه الطريقة دخلت حملة التصفية حيز التطبيق وأصبحت سارية المفعول.  

1- استخدام وسائل الإعلام لمنع مرور المعلومة

من تولــّى تطبيق سياسة "شوّهوا سمعتـ(هم) ممارسي الفالون غونغ" هي وسائل الإعلام، تحت السيطرة المطلقة للـح ش ص.

كان 22 يوليو 1999، وهو اليوم الثالث من حملة إيقاف ممارسي الفالون غونغ عبر البلاد، هو تاريـخ بداية حملة إعلاميّة على نطاق واسع ضدّ الفالون غونغ ، تقودها وسائل الإعلام تحت سيطرة الـح ش ص. ولنأخذ كمثال قناة "تشاينا سنترال تلفزيون" التي تبثّ من بيكين (سي سي تي في). في الأشهر الأخيرة من 1999، أصبحت هذه القناة تبثّ يوميّا سبع ساعاتٍ من البرامج المسجّـلة التي تنشر أكاذيب حول الفالون غونغ. وقد بدأ منتجو هذه البرامج بتشويه خطابات السيد لي هونغ جي وتزييفها، ثمّ أضافوا إلى ذلك حالات مزعومة من انتحار، وقـتل، ووفاة سببها الامتناع عن تناول الدواء. لقد فعلوا كلّ ما باستطاعتهم لتشويه صورة الفالون غونغ وصورة مؤسّسها والطعن فيهما.

من أكثر الحالات التي تداولتها وسائل الإعلام هي محو أداة النفي من جملةٍ قالها لي هونغ جي مرّة ً في مُلتقى عامّ :"إنّ حدث انفجار الأرض الذي يتحدّث عنه الناس غير موجودٍ" لتصبح :"إنّ حدث انفجار الأرض الذي يتحدّث عنه الناس موجود"، وهو ما يُتيـح لها مباشرة ً إثر ذلك أن تدّعي أنّ الفالون غونغ يروّج نظريّاتٍ ألفـيّة. ويتمّ اللجوء إلى الغشّ أيضًا لتضليل الشعب، مثلاً بنسبة أعمال يرتكبها مجرمون عاديّون لممارسي الفالون غونغ. مثلاً جريمة قـتل ارتكبها مريض عقـليّ يُدعى فو ييبين ببيكين وجريمة تسميم ارتكبها متسوّل بمقاطعة جاجيانغ، كلاهما تمّت نسبتهما للفالون غونغ. إذ ًا فقد استعمل الـح ش ص وسائل الإعلام ليحرّض شعبًا مخدوعًا على الكراهية، بهدف تقديم أعذار والظفر بسندٍ وتأييدٍ لهذا الاضطهاد اللا- شعبي والدامي.

أكثر من 2.000 صحيفة، أكثر من 1.000 مجلة، ومئات الشبكات التلفزيونية والإذاعات المحلية تحت السيطرة المطلقة للـح ش ص أصبحت تعجّ بالدعايات التي تشوّه سمعة الفالون غونغ. وقامت وكالة الأنباء الرسمية سينهوا، وتشاينانيوز سرفيس، ووكالة هـ ك لأخبار الصين، ووسائل إعلام أجنبية أخرى بنشر برامج القدح والثـلب هذه في أنحاء العالم. حسب إحصائيّات منقوصة، في ظرف عشرة أشهر فقط، تمّ بثّ أكثر من 300.000 مقال وبرنامج يستهدف الفالون غونغ ويفتري عليه، مسمّمًا أذهان عددٍ لا يحصى من الناس المخدوعين.

في السفارات والقناصل الصينية بالخارج توفـّرت أيضًا العديد من الوثائق، والأقراص المضغوطة والإصدارات التي تنتقد الفالون غونغ وتدّعي أنها "تفضحه". بل تمّ فتح أركان جديدة على موقع واب وزارة الشؤون الخارجية، وهي أركان مختصّة في نقد و "فضح" الفالون غونغ.

بالإضافة إلى ذلك، في أواخر 1999، وأثناء اجتماع عقدته التعاونية الاقتصادية للدول الآسيوية في حوض المحيط الهادي (ايبك) في زيلندا الجديدة، وزّع جيانغ زمين بنفسه ودون أيّ تحرّج مناشير تطعن في الفالون غونغ على رؤساء أكثر من عشرة دول كانوا حاضرين في الاجتماع. وفي فرنسا، في خطابه المُوجّه لوسائل الإعلام الأجنبية، وصف جيانغ زمين الفالون غونغ بكونه "طائفة شيطانية"، الأمر الذي يخرق الدستور الصيني – وذلك بهدف "تشويه سمعتـ(هم) (ممارسي الفالون غونغ)".

لقد جثمت على البلاد إذ ًا سحابة اضطهاد سوداء مُربدّة، كلّ شيءٍ كان يُنبئُ بأنّ حدثـًا يُضاهي الثورة الثقافية في قسوته كان على وشك أن يقـع.

أقـذر حادثة كانت بلا ريبٍ حادثة "الانتحار حرقـًا" المزعومة، والتي تمّ تصويرها في يناير 2001 وبثها عبر أنحاء العالم بسرعةٍ يصعب تصوّرها بواسطة وكالة سينهوا. وإثر ذلك، عديد المنظمات العالمية مثـل المنظمة غير الحكومية انترنايشونال إيدوكايشونال ديفلوبمنت، ندّدت بالحادثة لدى الأمم المتحدة، وبيّـنت كيف أنها كانت مجرّد خدعة مسرحية حاكتها الحكومة لتـُضلــّـل الناس. في إجابته عن سؤال بخصوص هذه الحادثة، أقرّ أحد أعضاء الفريق التلفزي بأنّ بعض المقاطع التي بثتها سي سي تي في قد تمّ تصويرها بعد الحادثة. يمكن إذ ًا أن نرى بوضوح الطبيعة الآثمة الأفـّاكة للمُضطهـِدين. ولا يسعُنا إلاّ أن نتساءل كيف قبــِِلَ أتباع الفالون دافا هؤلاء، وهم يواجهون الموت بثباتٍ (نسبة إلى المنتحرين) – كيف قبـِلوا بأن يتعاونوا مع السلطات إلى درجة السّماح لها بتصويـر مشهد الانتحار حرقـًا من جديدٍ.

ليس بمقدور أيّ كذبةٍ أن تصمد أمام نور الشمس. في نفس الوقت الذي حاك فيه الـح ش ص الإشاعات والأكاذيب، فعـل كلّ ما في وسعه ليمنع سريان المعلومات. لقد قمع بشراسة كلّ تصويـر لأنشطة الفالون غونغ بالخارج وكلّ جوابٍ منطقيّ يُجيب به ممارسو الفالون غونغ. كلّ كـتب الفالون غونغ والوثائق المتعلقة بهذا الموضوع تمّ إتلافها بدون استثناءٍ، واتـّخـِذت إجراءات قصوى لمنـع أيّ محاولةٍ تقوم بها وسائل إعلام أجنبية لإجراء حديث صحفيّ مع ممارسي الفالون غونغ في الصين، ويشمل ذلك : طرد الصحفيين خارج الصين، الضغط على وسائل الإعلام الأجنبية التي تبثّ المعلومات، وإكراهها على لزوم الصمت مُهدّدين إيّـاها بإقصاءها من الصين.

اتـّخـِذت إجراءات قصوى كذلك لقمع ممارسي الفالون غونغ الذين كانوا يحاولون تمريـر معلوماتٍ عن وقائع تهمّ الفالون غونغ، أو وثائق حول القمع اللا- إنساني الذي ترتكبه السلطات – إلى الخارج. لي يانهوا هي سيدة يقارب عمرها الستين سنة، من مدينة داشيتشيان من مقاطعة لياوونينغ. عندما كانت بصدد توزيـع وثائق تحتوي على معلومات عن اضطهاد الفالون غونغ، تمّ اختطافها من قـِبَـل بعض الأعوان، في غرّة فبراير 2001 وأوسعتها الشرطة ضربًا إلى أن فارقت الحياة. ثمّ لكي تغطي جرائمها، ادّعت هذه الأخيرة أنها ماتت لأنها كانت "واقعة تحت تأثير سحر الفالون غونغ".

في جامعة تسينغهوا لوحدها، تلقــّى أكثر من عشرة أساتذة وطلبة عقوبات بالسجن لمدّة طويلة لأنهم وزعوا وثائق بخصوص الفالون غونغ. كما تمّ توجيه الاتـّهام لسبعة ممارسين من شونغتشينغ وحُـكِمَ عليهم بالأشغال الشاقة لمدّة طويلة لأنهم كشفوا ما تعرّضت له الآنسة واي سينغيان - ممارسة فالون غونغ وطالبة في مرحلة الإجازة في جامعة شونغتشينغ - من اغتصابٍ أثناء فترة اعتقالها.

2- فرض ضرائب والسطو على المنازل بدون مذكّرة قانونية

لقد طبّـق كلّ الجهاز الحكومي سياسة "أفقرو(هم) (ممارسي الفالون غونغ) مادّيا". منذ أكثر من خمس سنين من القمع، مئات الآلاف من ممارسي الفالون غونغ وقـع إخضاعهم لغرامات تتراوح من آلاف إلى عشرات الآلاف من اليوان، بهدف تخويفهم وتسبـيب خسائر مالية فادحة لهم. لقد فرضت الحكومات المحلية، ووحدات الشغل، ومخافر الشرطة، وأقسام الأمن العمومي هذه الغرامات بطريقة اعتباطية، وأولئك الذين يُجبَرون على دفع الغرامات لا يُعطى لهم أيّ وصل ٍ ولا أيّ مبرّر يستند إلى بندٍ قانوني.

نهب المساكن هو شكـل آخـر من أشكال السطو والتخويف التي يتعرّض لها ممارسو الفالون غونغ. أولئك الذين لم يُـريدوا التخلــّي عن عقيدتهم تعرّضوا لتفتيشاتٍ غير مُبَرّرة، تأتي الشرطة إلى منازلهم وتسطو عليها في كلّ لحظةٍ. أموالهم ومُمتلكاتهم أخـِذت منهم دون مُبرّر. في القرى، حتـّى مخازن القمح وموادّ غذائية أخرى لم تـنجُ هي أيضًا. وزيادة ً على ذلك، الأشياء التي كانت تـُؤخـَذ ُ من ممارسي الفالون غونغ لم يكـُن يتمّ تسجيلها ولا تسليم وصل ٍ فيها. عمومًا أولئك الذين يُصادرون ممتلكات الممارسين كانوا يحتفظون بها لأنفسهم.

وفي نفس الوقت، واجه ممارسو الفالون غونغ أيضًا عقوباتٍ في الأرياف، وهدّدت السلطات الممارسين بمصادرة أراضيهم. ولم يستثن الـح ش ص العجائز ومن هم في سنّ التقاعد. لقد أوقف جراية التقاعد بالنسبة لهم وطردهم من مساكنهم. كثير من ممارسي الفالون دافا الذين يعملون في الأعمال الحرّة صُودِرت منهم أملاكهم وجُمّدت حساباتهم في البنك.

بتطبيق هذه الإجراءات، تبنـّى الـح ش ص سياسة الإدانة الجماعية. بعبارةٍ أخرى، إن وقـع اكتشاف وجود ممارسي فالون غونغ في وحدة شغل أو في مؤسّسة من مؤسّسات الدولة، فإنّ رؤساء وموظفي هذه الوحدات لا يعودون يتمتـّعون بمنحة ولا بترقيات. الهدف هو تحريض المجتمع على كراهية ممارسي الفالون غونغ. عائلات وأقارب هؤلاء الممارسين كانوا هم أيضًا مُهدّدين بالطرد من مراكز عملهم، وبطرد أبنائهم من المدرسة، وبالطرد من مساكنهم. كلّ هذه الإجراءات لها نفس الغاية : قطع كلّ موارد الرزق الممكنة وتضييق الخناق على ممارسي الفالون غونغ لكي لا يجدوا بدّا من التخلــّي عن عقيدتهم.

3- أعمال تعذيب قاسية وقـتل تعسّـفي

السياسة الدنيئة والمتمثـلة في "القضاء على ممارسي الفالون غونغ جسديّا" قد طبّقتها خاصّة الشرطة، والنيابة العامة [11]، والنظام القضائي في الصين. حسب إحصائيّات جمّعها موقع انترنت "مينغهي"، فإنه على أقـلّ تقدير 1.144 [12] ممارس فالون غونغ قد ماتوا من جرّاء التعذيب أثناء السنين الخمس الماضية. وقعت الوفيّات في أكثر من 30 مقاطعة، ومنطقة مستقـلــّة، ومدينة خاضعة مباشرة لإدارة الحكم المركزي. في غرّة أكتوبر 2004، كانت المقاطعة التي أحصت أكبر عددٍ من الوفيّات هي هايلونغجيانغ، تـليها جيلين، تـليها لياوونينغ، ثمّ هيباي، ثمّ شاندونغ، فسيشوان، وأخيرًا هوباي. أصغر المتوفـّين سنـّا كان عمره 10 شهور، وأكبرهم 82 سنة ً. 51,3 % من الأشخاص المتوفـّين كانوا نساءًا. بالنسبة للضحايا البالغ عمرهم فوق الخمسين سنة ً، كانت نسبتهم 38 % من جملة الضحايا. وهناك موظفو ح ش ص أقرّوا بصفةٍ سرّيةٍ أنّ العدد الحقيقيّ للممارسين الذين ماتوا جرّاء التعذيب كان أكبر من ذلك بكثير.

إنّ عمليّات التعذيب التي يستعملونها مع ممارسي الفالون غونغ عديدة ومتنوعة. التعرّض للضرب المبرّح، والسياط، والتعذيب بالكهرباء، والتعرّض للبرد المجمّد، وللتـقييد بالحبال، ولتـقييد اليدين والقدمين بالسلاسل لفترة طويلة، وللحرق بالنار، وبالسجائر، أو بالمكواة الحديدية، للتـقييد والتعليـق في الفضاء، البقاء في وضعية الوقوف أو الجثو على الركبتين وقتـًا طويلاً جدّا، التعرّض لشكّ الجسم وخرقه بأعوادٍ من قصب أو خيوط معدنية، للاعتداء الجنسي والاغتصاب، كلّ هذه ليست سوى بعض الأمثـلة. في أكتوبر 2000، قام حرّاس مخيم العمل الإجباري ماسّانجيا، في مقاطعة لياوونينغ، بتجريد 18 ممارسة تمامًا من ثيابهن ورموْهن في زنزانات المساجين الذكور ليغتصبوهن وينالوا منهن كما يشاؤون. كلّ هذه الجرائم قد تمّ توثيقها ولكن عددها أكبر من أن نـُحصيها في قائمة هنا.

ومن بين وسائل التعذيب اللا-إنسانية، نجد أيضًا الممارسة التالية - وهي من الممارسات السائدة - : العلاج العقـلي. نجد ممارسي فالون غونغ طبيعيين، أصحّاء وفي كامل قواهم العقـلية، تمّ سجنهم في مصحّات أمراض عقـلية أو مستشفيات أمراض عقـلية، حيث تمّ حـقنهم بموادّ غير معروفة قادرة على إتلاف الجهاز العصبي المركزي لدى الإنسان، وجرّاء ذلك أصيب بعض الممارسين بشلل نصفيّ أو كلــّي. بعضهم فـقد البصر أو السمع. وبعضهم تـلفت عضلاتهم أو أعضاءهم الداخلية. بعضهم فـقد الذاكرة جزئيّا أو كلــّيا وأصبحوا متخلــّـفين ذهنيّا. بعض التلاميذ أصيبت أعضاءهم الداخلية بجروح بالغة. بعضهم الآخر أصيب بانهيار عصبي. وحتـّى أنّ بعضهم مات بعد وقت قصير من حـقنه بهذه الموادّ.

تشير الإحصائيات إلى أنّ حالات ممارسي الفالون غونغ الذين تمّ تعذيبهم بواسطة علاج الأمراض العقـلية قد انتشرت في 23 - من جملة 33 - مقاطعة ومنطقة مستقـلــّة وبلدية خاضعة مباشرة لقيادة الحكومة المركزية الصينية. على الأقـلّ 100 مصحّة عقـلية على مستوى المقاطعات والبلديات والأقاليم والأحياء شاركت في أعمال الاضطهاد. باعتبار العدد الكبير لهذه الحالات وتكرّرها، يبدو بوضوح أنّ الاستعمال التعسّفي لأدوية الأمراض العقـلية على ممارسي الفالون غونغ هي سياسة منهجية ومُطبقة بدقة على جميـع المستويات. 1.000 ممارس على الأقـلّ تمّ إرسالهم - رغم إرادتهم - إلى مراكز استشفائية عقـلية أو مراكـز إعادة تأهيل لمدمني المخدّرات. الكثير منهم حُـقـِنوا بعديد الموادّ التي يمكن أن تتلف الجهاز العصبي أو أجبـِروا على ابتلاعها. ممارسو الفالون غونغ هؤلاء تمّ أيضًا تـقييدهم بحبال وتعذيبهم بالكهرباء. على الأقـلّ خمسة عشر من بينهم ماتوا بسبب المعاملة السيّئة لا غير.

4- مكتب 610 يمدّ مجسّاته خارج الجهاز القضائي

في 7 يونيو 1999، قذف جيانغ زمين في حقّ الفالون غونغ بدون أيّ مبرّر أثناء اجتماع للمكتب السياسي للـح ش ص. وصنـّف مسألة الفالون غونغ على أنها "صراع طبقات"، ووصف ممارسي الفالون غونغ بالأعداء السياسيين للـح ش ص وأثار غريزة الصراع لدى الـح ش ص. لقد أعطى أوامره ببعث "مكتب لمعالجة مسألة الفالون غونغ" داخل اللجنة المركزية. وحيث أنه وُضـِـع في 10 يونيو، أطلقوا عليه اسم "مكتب 610". وإثر ذلك وُضـِعت مكاتب 610 في كامل البلاد على جميـع المستويات الحكومية، من أعلى السلــّم إلى أسفله، وهذا المكتب مختصّ في كلّ المسائل المتعلقة بقمع الفالون غونغ. اللجنة السياسية والقضائية، الصحافة والإعلام، أجهزة الأمن العمومي، هيئة القضاء، محاكم الشعب، وأعوان الأمن الوطني التابعين لحكم وقيادة الـح ش ص، كلّ هؤلاء هم قـَـتـَلة مأجورون يعملون لدى الـح ش ص. في الظاهر، يتبع مكتب 610 مجلس شؤون الدولة، ولكنه في الحقيقة مُنظمة تابعة للحزب، مسموح لها بأن توجد خارج الإطار التأسيسي للدولة وللحكومة الصينية، لا تحدّها أيّ حدود تشريعية ولا قوانين أو سياسة وطنية. إنها منظمة قويّة جدّا تشبه كثيرًا الغاشتابّـو في ألمانيا النازية، مُنظمة تتمتـّع بصلاحيّـات تتجاوز السلطة التشريعية والقضائية، وتستغـلّ موارد البلاد كما يحلو لها. في 22 يولية، وحالما أصدر جيانغ زمين الأمر بقمع الفالون غونغ، نشرت وكالة الصحافة سينهوا خطابات المسؤولين في وزارة التنظيم المركزي للـح ش ص ووزارة الدعاية المركزية للـح ش ص، وهم يعلنون على الملأ مناصرتهم وتأييدهم لاضطهاد الفالون غونغ الذي أطلقه جيانغ زمين. كلّ هذه الكيانات قد تعاونت وساند بعضها البعض تحت راية التنظيم المُحكم للـح ش ص وذلك بغاية تطبيق الخطة الماكيافلية لجيانغ زمين.

حالات عديدة وعديدة أثبتت أنه لا قسم الأمن العمومي، ولا النيابة العامّة، ولا المحكمة تملك القدرة على اتـّخاذ القرارات بنفسها بشأن الحالات المتعلقة بالفالون غونغ، بل عليها أن تتلقــّى الأوامر من مكتب 610. وعندما اشتكى أفراد عائلات ممارسي فالون غونغ كثيرون - ممّن أوقـِفوا وسُجـِنوا وعُذبوا إلى حدّ الموت - عندما اشتكـوْا للأمن العمومي، للنيابة العامة، وللمحكمة، أخبـِروا أنّ كلّ القرارات يتـّخذها مكتب 610.

رغم كلّ هذا، فإنّ وجود مكتب 610 ليست لديه أيّ ركيزة قضائية. عندما كان يعطي الأوامر للأجهزة التابعة للـح ش ص، ففي العادة لم تكن هناك تعليمات مكتوبة أو إشعار، فقط إبلاغ شفوي. وزيادة ً على ذلك، كان مطلوبًا من كلّ أولئك الذين يتلقــّوْن الأوامر ألاّ يسجّـلوها تسجيلاً سمعيّا أو بصريّا ولا حتـّى أن يدوّنوا منها شيئـًا.

استعمال هذا العضد الأيمن للديكتاتورية هو تكتيك كثيرًا ما يستعمله الـح ش ص، متجاهلاً القانون تجاهلاً تامّا. أثناء كلّ حركات التصفية السياسية التي سبقت، استعمل الحزب دائمًَا تكتيكاتٍ غير نظامية ونصّب هيئاتٍ مُؤقــّـتة غير نظامية، مثل الفريـق المركزي للثورة، لكي تقود طغيان الـح ش ص وتبثه في جميـع أنحاء البلاد.

على مدى تاريـخ حكمه الطاغي والمستبدّ، خلق الحزب واحدًا من أقوى أنظمة إرهاب الدولة وأكثرها شرّا. بواسطة العنف، والكذب، ومنع الوصول إلى المعلومة. إنّ اللا-إنسانية والخداع اللذان يتميز بهما قد بلغا درجة حِرفيّة عالية. كما أنه امتدّ على نطاق واسع وغير مسبوق. في الحركات السياسية السابقة، أصبح الحزب متمرّسًا وخبيرًا في امتلاك طرق مُمنهجة وناجعة، وفي معاقبة الناس، والنيل منهم وقـتلهم ؛ لقد كانت هذه الطرق تتـّصف بقسوة، وبمكر وبازدواجية يصعب تصوّرها. وكما رأينا في الحالة التي ذكرناها آنفـًا، لم يستطع الزوج تحمّـل تهديدات الشرطة وإرهاصهم فـقـتل زوجته الطيبة. كذلك هي الثمرة الفاسدة الناتجة عن إرهاب الدولة الذي يمارسه الـح ش ص، والذي يضمّ التضليل الإعلامي، الضغط السياسي، الإدانة الجماعية والتخويف، بهدف تشويه الطبيعة البشرية والتحريض على الكراهية.

5- استعمال الجيش والموارد المالية القومية لنشر الاضطهاد

إنّ الحزب يسيطر على كلّ القوى العسكرية للبلاد، الأمر الذي يُتيـح له أن يفعل ما يحلو له دون خوفٍ ولا خشيةٍ عندما يقمع الناس. لاضطهاد الفالون غونغ، لم يكتفِ جيانغ زمين باستعمال الشرطة والقوات شبه العسكرية ؛ بل أيضًا استعمل مباشرة ً القوات العسكرية المسلحة في يولية وأغسطس 1999، عندما اتـّجه مئات الآلاف – بل ملايين الناس العاديين، من كلّ أنحاء البلاد، عُزّل من كلّ سلاح، إلى بيكين، بنيّة المناداة بحقّ الفالون غونغ في الممارسة. كان الجنود مبثوثين في أماكن عديدة ومختـلفة من العاصمة. على كلّ الطرق العامّة كان يصطفّ جنود مُسلحون مُزوّدون ببنادق مُعبّأة. مهمّـتهم هي التعاون مع الشرطة للتصدّي لممارسي الفالون غونغ الذين أتوْا للنداء وإيقافهم. وكما يمكن أن نتخيّـل، هذا اللجوء المباشر للقوات المسلحة من طرف جيانغ زمين قد فتح الباب أمام اضطهادٍ دام ٍ.

يسيطر الحزب على خزائن الدولة، ممّا يجعل من هذه الأخيرة تمدّ جيانغ زمين بالسند المالي لاضطهاد الفالون غونغ. هناك موظف سام ٍ من قسم العدالة التابع لمقاطعة لياوونينغ قال مرّة ً أثناء اجتماع في مُخيّم العمل الإجباري بماسّانجيا (الموجود في هذه المقاطعة) :"إنّ الموارد المالية المُستعملة لمعالجة مسألة الفالون غونغ تـفوق مصاريف حربٍ."

إلى حدّ الآن لا نعلم تمامًا مبلغ الموارد المالية الحكومية، ولا الدخل المُتأتـّي من العمل المُضني للشعب، هذان الموردان اللذان نهـل منهما الـح ش ص ليضطهد الفالون غونغ، ولكن ليس من الصعب أن نرى أنّ المبلغ ضخم. في 2001، كشفت معلومة قادمة من داخل قسم الأمن العمومي للحزب أنّ مصاريف القبض على ممارسي الفالون غونغ في ساحة تيانانمن وحدها بلغت 1,7 مليون يوان يوميّا، أي ما يعادل 2,5 سنويّا. في كلّ البلاد، من التجمّعات السكـنية إلى المناطق الريفية البعيدة، من مخافر الشرطة وأقسام الأمن العمومي إلى موظفي جميـع الأقسام في مكتب 610، استخدم جيانغ زمين على أقـلّ تقدير مليون شخص لاضطهاد الفالون غونغ. كلفة أجورهم لوحدها يمكن أن تبلغ مئات المليارات من اليوان. وبالإضافة إلى ذلك، أنفق جيانغ زمين مبالغ طائلة ليُضاعف عدد مخيّمات العمل الإجباري المُعَدّة لاحتواء ممارسي الفالون غونغ، وليُشيّـد مراكـز وقواعد للغسل الدماغي. مثلاً في ديسمبر 2001، خصّص جيانغ زمين 4,2 مليار يوان دفعة ً واحدة ً لبناء مثـل تلك المراكز لـ "تحويـل" ممارسي الفالون غونغ. لقد أنفق جيانغ زمين مبالغ ضخمة ليدفع المزيد من الأشخاص ويُشجّعهم على المشاركة في اضطهاد الفالون غونغ. في كثير من المناطق، بلغت مكافأة من يقبض على ممارس فالون غونغ عديد الآلاف، بل حتـّى عديد عشرات الآلاف من اليوان. إنّ مخيّم العمل الإجباري بماسّانجيا في مقاطعة لياوونينغ لمن أسوء الأماكن التي تضطهد الفالون غونغ. في إحدى المرّات، كافأ الحزب مُسيّر المخيّم "سو" بـ 50.000 يوان، والمُسيّر المساعد "شاوو" بـ 30.000 يوان.

جيانغ زمين، الأمين العامّ الأسبق للـح ش ص، هو الشخص الذي أطلق حملة الاضطهاد ضدّ الفالون غونغ، هو الشخص الذي دبّرها وشنـّها، واستعمل من أجل ذلك الـح ش ص. على عاتـقه تـقع مسؤولية هذه الجريمة التاريخية. ومع ذلك، إن لم يكن يوجد هناك ح ش ص وآلة العنف لديه التي شحذها على مدى حركات سياسية متعاقبة، لم يكن جيانغ زمين ليجد الوسائـل ليشنّ هذا الاضطهاد الشيطاني ويُطبّقه.

جيانغ زمين والحزب يستخدم كلّ منهما الطرف الآخر. هما يواجهان الإدانة بالإجماع بسبب معارضتهما لمبادئ "حقّ، رحمة، صبر" في سبيل مصلحة شخص واحدٍ وحزب واحدٍ. هذا الاستخدام المتبادل بينهما هو السبب الحقيقي الذي جعل جريمة عديمة المعنى ومأساوية كـتلك تحدث.

V. جيانغ زمين يسبّب انهيار الـح ش ص من داخل الحزب

إنّ جيانغ زمين، بدافع السعي وراء مصالحه الشخصية، قد استعمل الشرّ، الذي هو صفة الـح ش ص، ليشنّ ذلك الاضطهاد العنيف، مستهدفـًا ناسًا بريئين يتـّبعون مبادئ "الحقّ، الرحمة، الصبر". لقد شنّ حركة قمعيّة ضدّ قوّة اجتماعية هي من أكثر القوى الاجتماعية نفعًا وأقـلــّها ضررًا للبلاد والمجتمع. هذا الاضطهاد لا فقط يجـرّ البلاد والشعب في سلسلة من الجرائم والمصائب، ولكن أيضًا يُسبّب فشل وسقوط الحزب من الأسس.

لقد استخدم جيانغ زمين الحزب بشراسة، واستخدم في ذلك شتـّى أصناف الوسائـل والطرق الشريرة عبـر العالم بأسره في تعامله مع مسألة الفالون غونغ. وجرّاء ذلك، تكبّد كلّ من القانون والأخلاق والإنسانية ضررًا كبيرًا، الأمر الذي يقضي على مصداقية الحزب، المصداقية اللازمة لكي يحافظ على بقاءه في الحكم.

لقد استعمل نظام جيانغ كلّ الموارد المالية، والمادية، والبشرية المتوفرة لكي يقمع الفالون غونغ، مسبّبًا بذلك عبئـًا ضخمًا للبلاد والمجتمع، وضغطـًا هائلاً على الميزانية المالية. إنّ الحزب ليست لديه أيّ وسيلةٍ ليستمرّ في هذا الاضطهاد، الذي سيبوء بالفشل لا محالة. إن تمكـّن من تمديده زمنـًا أطول، فسيكون ذلك فقط بالاعتماد على مدّخرات الشعب، وعلى إبرام عقود وطنية، وعلى استجلاب استثمارات خارجية.

أثناء الاضطهاد، استعمل الحزب وجيانغ زمين شتـّى أصناف الحيل والوسائل الملتوية، الوحشية والغشاشة، لقد استعملا كلّ ما في رصيدهما من خيانة وعدوانية لاضطهاد الفالون غونغ.

لقد استعمل الحزب وجيانغ زمين كلّ أدوات الدعاية الممكنة ليختـلقا إشاعاتٍ، ويشوّها صورة الفالون غونغ ويلفـّـقا أعذارًا لتبـرير القمع والاضطهاد. ولكنّ الكذب لا يمكن أن يدوم إلى الأبد. يوم تـُكشفُ الأكاذيب أخيرًا عندما يفشل الاضطهاد، ويوم يراها الجميـع بوضوح، يومها وسائل الدعاية لن يعود بإمكانها أن تخدع الناس. سيفقد الحزب تمامًا مصداقيته وقـلوب الناس في الآن نفسه.

مع بداية قمع الفالون غونغ في 1999، كانت نيّة جيانغ زمين هي تصفية مسألة الفالون غونغ في "ثلاثة أشهر". ولكن الحزب لم يُقـدّر قوّة الفالون غونغ حقّ قدرها، ولم يُقـدّر قوّة الأصالة والإيمان حقّ قدرها.

منذ قديم الزمان، لم ينتصر الشرّ على الخير أبدًا، ولا استطاع أن يجتثّ الطيبة من قـلوب الناس. خمس سنين قد مرّت والفالون غونغ بقـي الفالون غونغ، بل وانتشر على نطاق واسع في كامل العالم. لقد باء جيانغ زمين والحزب بفشل ذريـع في هذه المعركة بين الخير والشرّ. كما أنّ طبيعتهما المنحرفة، القاسية، والشريرة، قد انكشفت للعيان بوضوح. جيانغ زمين حاليّا ينوء تحت وطء المشاكل في الصين كما في خارجها، ويواجه دعاوي وإدانات عديدة تهدف إلى محاكمته.

في الأصل، كانت نيّة الحزب هي أن يستعمل القمع ليدعّم طغيانه. ولكن النتيجة كانت أنه لم يكن قادرًا على إعادة "شحن" طاقته ؛ بل بالعكس، استنفذها. حاليّا، قد ذهب الحزب بعيدًا جدّا، إلى درجة أبعد من أن يقدر على استعادة الحياة بعدها. إنه يشبه شجرة نخرة وذابلة. وسوف ينهار من تلقاء نفسه عند أوّل هـبـّة ريـح. كلّ الأحلام الواهمة الرامية إلى إنقاذ الـح ش ص تسير ضدّ التاريـخ. لا فقط سيكون ذلك بلا نتيجة، ولكنه أيضًا سيدمّر مستـقبل أولئك الذين يضعون أيديهم فيه.

خاتمة

الأمين العام السابق للـح ش ص، جيانغ زمين، هو الذي شنّ هذا الاضطهاد العدواني، وخططه، وأمر به. لقد استعمل جيانغ زمين السلطة، والمنصب، والطرق التأديبية، وآليات الحركت السياسية للـح ش ص، ليُطلق هذا الاضطهاد ضدّ الفالون غونغ. وهو يـبوء بحمل هذه الجريمة التاريخية بلا منازع. من جهة أخرى، إن لم يكن هناك ح ش ص، لم يكن جيانغ زمين ليكون قادرًا أن يشنّ هذا الاضطهاد العنيف ويقوده. منذ أن وُلد الـح ش ص، اتـّجه ضدّ الاستقامة وضدّ الطيبة. خياره الأمثـل هو القمع ومجال خبراته هو الاضطهاد، وقد بنى نفوذه وسيادته على سيطرة محكمة على العقـول والنفـوس مخضعًا إيّاها جميعًا لنفوذ حزبٍ واحدٍ مركزيّ. الـح ش ص يخاف غريزيّا من "الحقّ، الرحمة، الصبر"، ويعتبر الفالون غونغ عدوّا. ونتيجة لذلك كان قمع الفالون غونغ واضطهاده أمرًا محتومًا. بمهاجمته لـ "الحقّ، الرحمة، الصبر"، أتاح جيانغ زمين والـح ش ص المجال للزيف، والعدوانية، والسموم، والشرّ، والفساد جميعًا لكي تنتشر. وما انجرّّ عن ذلك هو تدهور أخلاقي على نطاق واسع في أرض الصين، تدهور لحقت آثاره بالجميـع.

إنّ الاستخدام المُتبادل بين الـح ش ص وجيانغ زمين قد حدّد مصيرهما. حاليّا، يسعى الفالون غونغ لمقاضاة جيانغ زمين، ويوم يُقــَدّمُ هذا الأخير للمحاكمة، سيكون مصير الـح ش ص واضحًا.

إنّ المبادئ السماوية لن تغفر لمن يمارس اضطهادًا لا إنسانيّا ضدّ مجموعة من الأشخاص الطيبين الذين يُربّون أنفسهم على "الحقّ، الرحمة، الصبر". فساد جيانغ زمين والـح ش ص كذلك سيُصبح يومًا مّا عبرة بالغة وخالدة في تاريـخ الإنسانية.

ملاحظات:

1- لمزيد من المعلومات بخصوص هذه الحالة، الرجاء الاطلاع على : 

http://www.vraiesagesse.net/news/0501/26/E56650_20050117_fr.htm
و
http://www.clearwisdom.net/emh/articles/2004/6/7/48981p.html

2- لمزيد من المعلومات بخصوص هذه الحالة، الرجاء الاطلاع على :

http://www.vraiesagesse.net/news/0411/01/E53583_20041018_fr.htm

3- تتوفر معلومات أخرى بخصوص هذه النقطة في الرابط التالي :

http://www.minghui.org/mh/articles/2004/7/9/79007.html (بالصينية)

4- لي سيانـّيان (1902-1992)، رئيس سابق للصين (1983-1988) ورئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني (1988-1992). وقد كان حما جيانغ زمين. شان يون (1905-1995)، أحد كبار المسيّرين المعروفين في الصين الشيوعية، وقد كان عضوًا في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي طيلة عقودٍ من السنين ورئيس اللجنة المركزية الاستشارية من 1987 إلى 1992.

5- تشيكونغ هو اسم شامل يُطلـَقُ على تمارين طاقية. هناك عدّة مدارس تشيكونغ، معظمها متجذرة في الاعتقادات الروحية الأصلية المتوارثة. الفالون غونغ هو شكل من أشكال التشيكونغ.

6- في 1992، خرج دانغ سياووبينغ من شبه عزلة، وذهب في زيارة لشانجان، قرب هونغ كونغ، وألقى هنالك خطابات يدعو فيها إلى تبنـّي اقتصاد سوق اشتراكي في الصين. ويُعتـَبَرُ أنّ جولة دانغ تلك قد بعثت من جديدٍ الحياة والأمل في الإصلاح الاقتصادي بعد أن شهد بداية حزينة ومشؤومة وهي مجزرة ساحة تيانانمن.

7- الآثار الثقافية بهامودو، وقع اكتشافها في 1973، يرجع عهدها إلى 7.000 سنة، هذه القرية الأثرية الصينية غنية بالمواقع وبالآثار التي تعود إلى العصر الحجري الأخير.

8- رئيس سابق للمؤتمر الشعبي الوطني الصيني.

9- لقد قال دانغ مرّة :"قط أسود أو قط أبيض، لا يهمّ، هو قط جيّد طالما أنه يمسك الفئران". بعبارةٍ أخرى، الهدف من الإصلاحات الاقتصادية هو تحقيق قدر من الرخاء والازدهار للناس، مهما يكن شكـل تلك الإصلاحات : اشتراكية أو رأسمالية.

10- هي مثقـفة عذبها الـح ش ص إلى حدّ الموت في فترة الثورة الثقافية لأنها قالت الحقيقة. (انظر المقال الرابع)

11- هو الأداة الحكومية الصينية المختصّة في التتبّـع والإشراف القانونيّين. من مهامّها : القرار في شأن القبض على كبار المجرمين وتتبّعهم، إجراء الأبحاث، اقتراح واتـّخاذ إجراءات بشأن المحاكمات الجنائية العامّة، تأويل القانون بحرّية فيما يتعلــّق بتطبيقاته الخصوصية، الإشراف والسّهر على قرارات المحكمة، مراقبة السير القضائي، الإشراف على أنشطة السجون ومراكز الاعتقال ومخيّمات العمل الإجباري.

12- في منتصف أغسطس 2005، ارتفع هذا الرقم إلى 2.779.

 

 

جميـع الحقوق محفوظة للناشر - صحيفة الإيبوك تايمز