المقالة الثالثة : طغيان الحزب الشيوعي الصيني

توطئة.

مثال حي عن الطغيان : في التاسع من نوفمبر 2000، الشرطة الصينية بالزي الرسمي وبالزي المدني - تعتقل عشرات الممارسين الذين أتوا للمشاركة في مظاهرة سلمية لوقف الاضطهاد.(غلوبال فوتو/لييزون)

عندما نتحدث عن الطغيان، معظم الصينيين يتذكرون تشين شي هوانغ (259-210 م)، أول امبراطور في الأسرة الحاكمة تشين، والذي في فترة حكمه الطاغي كان يتمّ إحراق الكتب الفلسفية ويتمّ دفن العلماء الكونفوشيوسيين أحياء. القسوة التي كان تشين شي هوانغ يعامل بها شعبه كانت ناتجة عن سياسته المتمثـلة في "الحفاظ على سيادته والإبقاء عليها بواسطة كلّ الوسائـل الموجودة على الأرض." [1]

كانت هذه السياسة تضمّ أربع نواحي كبرى : ضرائب ثقيلة جدا، إهدار اليد العاملة في أعمال تهدف إلى تمجيد شخصه هو، اضطهاد عنيف بمقـتضى القوانين الجائرة التي وضعها – مثـل معاقبة أفراد عائلة المتهمين وجيرانهم أيضًا، والسيطرة على العقول والنفوس عبـر سدّ المنافذ أمام أشكال التـفكير والتعبير الحرّ – كان يتمّ إحراق الكتب وكان يصل الأمر حتـّى إلى دفن العلماء وهم على قيد الحياة، تحت حكم تشين شي هوانغ، كانت الصين تعدّ تقريبًا 10 ملايين ساكنـًا ؛ وقد أرسل حكم تشين ما يزيد على المليونين منهم إلى الأشغال الشاقة. لقد طبـّـق تشين شي هوانغ قوانينه الجائرة في عالم المثقـفين، مانعًا حرّية التـفكير على نطاق واسع وشامل. في عهده، آلاف العلماء الكونفوشيوسيين والأعيان الذين تجرّؤوا على انتقاد طريقة حكمه تمّ إعدامهم. [2]

عنف الحزب الشيوعي الصيني (ح ش ص) اليوم وانتهاكاته يفوقان عنف حكم الطاغية تشين وتعسّفه. تنبني فلسفة الـح ش ص على الصراع، وقد انبنت سياسته على مجموعة من "الصراعات الطبقية"، "صراعات الجبهات"، و "الصراعات الايديولوجية"، سواءًا في الصين أو ضدّ البلدان الأخرى. لقد قال ماوو تسي تونغ صراحة :

"ما تباهى تشين شي هوانغ بفعله هو لا شيء. لقد دفن 460 عالمًا حيّـا ؛ أمّا نحن فقد دفنـّا 460.000 مثقـفـًا. لقد نعتنا البعض بأننا ديكتاتوريون مثل تشين شي هوانغ، ونحن نرحّب بهذا النعت. إنها الحقيقة. للأسف، أنتم لا تزالون بعد في مستوى أدنى من هذه الحقيقة، فعلينا فعـل المزيد إذ ًا."

ولـْنـُلق الآن نظرة على هذه الخمسة والخمسين سنة الصعبة تحت حكم الـح ش ص في الصين. مع قاعدته الفلسفية التي تتمثـل في "صراع الطبقات"، لم يدّخر الـح ش ص جهدًا - منذ حصوله على السلطة - في ارتكاب مجزرة طبقاتٍ، مُنصّبًا حكمه الإرهابي بواسطة ثورة عنيفة. لقد تمّ استعمال القـتل وغسل الدماغ معًا للقضاء على كلّ عقيدة أخرى غير العقيدة الشيوعية. لقد أطلق الـح ش ص الحركة تـلو الأخرى بهدف تصوير نفسه للناس على أنه إلهيّ ومعصوم. وسيرًا على منهج نظريته في صراع الطبقات وثورته العنيفة، حاول تصفية المُنشقــّين والطبقات الاجتماعية المعارضة، مستعملاً العنف والحيلة لإرغام الشعب الصيني على أن يصبح الخادم المطيـع تحت حكمه الطاغي.

I. الإصلاح الزراعي – تصفية طبقة أصحاب الأملاك

 لم تكد ثلاثة أشهر تمرّ على خلق الحزب الشيوعي بالصين، حتى كان الـح ش ص ينادي بتصفية طبقة مالكي الأراضي بصفتها إحدى الخطوط العريضة في برنامج الإصلاح الزراعي الوطني. شعار الحزب "الأرض للفلاحين" كان يثير الجانب الأناني في نفوس الفلاحين الذين لا يملكون أراض، وكان يشجّعهم على أخذ الأراضي عن طريق العنف دون اعتبار للمآخذ الأخلاقية لذلك العمل. حملة الإصلاح الزراعي، والتي تدعو صراحة ً إلى تصفية طبقة أصحاب الأملاك – بدأت عبـر تصنيف سكان الأرياف إلى أصناف اجتماعية مختلفة. عشرون مليون ريفيّ في كامل البلاد تمّ تصنيفهم على أنهم "مالكو أراضي، فلاحون أغنياء، رجعيّون أو عناصر سيّئة". هذه الطبقة الجديدة من منبوذي المجتمع أصبحت عرضة للميز، والإهانة، ولفقدان حقوقها المدنية. وبينما كان برنامج الإصلاح الزراعي يمتدّ ليصل إلى المناطق النائية والقرى ذات الأقـلــّية العرقية، كانت تنظيمات الـح ش ص تنمو أيضًا بسرعة. انتشرت لجان الحزب في كلّ مدينة، وانتشرت دوائر الحزب في كلّ قرية عبـر الصين. كانت الخلايا المحلــّية هي النائبة عن الحزب ولسانه الناطق، التي تبثّ تعليمات اللجنة المركزية للـح ش ص : كانت هي من يوجد على جبهة صراع الطبقات، محرّضة ً الفلاحين على التمرّد على مشغـّـليهم من أصحاب الأراضي. لقد هلك أكثر من 100.000 صاحب أرض أثناء هذه الفترة. وفي بعض الأماكن قـتل الـح ش ص والفلاحون عائلاتٍ بأكملها ، دون تمييـز في الجنس أو العمر، كمحاولة للقضاء نهائيّا على طبقة أصحاب الأملاك.

وفي الأثناء، شنّ الـح ش ص حملته الدعائية الأولى، معلنـًا "الرئيس ماوو هو المخلــّص الأكبـر للشعب" و"الـح ش ص هو الوحيد القادر على إنقاذ الصين". أثناء الإصلاح الزراعي، حصل الفلاحون الذين لا يملكون أراض على كلّ ما يريدونه بدون جهدٍ يُذكر، بفضل السياسة الشيوعية التي تنصّ على الحصاد دون عمل، وعلى السرقة دون اعتبار للوسائـل المستعملة. لقد نسب الفلاحون الفقراء للـح ش ص فضل تحسين مستوى عيشهم، وهكذا فقد أيّدوا دعاية الـح ش ص القائلة بأن الحزب يسعى لخدمة مصلحة الشعب.

بالنسبة للمالكين الجدد للأراضي التي تمّ الحصول عليها حديثـًا، لم تدم سعادتهم بـ "الأرض للفلاحين" طويلاً. ففي ظرف سنتين، فرض الـح ش ص عددًا من الممارسات على الفلاحين مثـل : جماعات المتعاونين (التعاونيات)، التعاضديات الأساسية، التعاضديات العليا، وكومونات الشعب. لقد دفع الـح ش ص بالفلاحين سنة ً بعد أخرى إلى أن "يلقوا بأنفسهم" في الاشتراكية، واستعمل لذلك شعارًا يندّد بـ "النساء ذوات الأرجل المعصوبة"، أي أولئك اللائي تتحرّكن ببطءٍ، خطوة بعد أخرى. لقد وضع الحبوب، والقطن، والزيت الغذائي تحت نظام تموين موحّد على النطاق الوطني، ونتيجة ً لذلك، أقصيت المنتوجات الفلاحية الرئيسية من سوق التبادل. وزيادة ً على ذلك، وضع الـح ش ص دفتر محـلّ إقامة يمنع القرويين من الذهاب إلى المدن للعمل أو للسكن فيها. أولئك الذين يتمّ التصريـح بأنهم من سكان الريف لا يُسمَحُ لهم باشتراء الحبوب من مخازن الدولة، ولا يُسمَحُ لأبنائهم بمزاولة التعليم في المدن. أبناءالقرويين يجب أن يظلــّوا قرويين، وهو ما كان السبب - في بداية السنوات 50 - في تحويـل 360 مليون ريفيّا إلى مواطنين من الدرجة الثانية.

انطلاقـًا من 1978، أثناء السنوات الخمس التي أعقبت المرور من نظام جماعي إلى نظام تعاقد أسري، هناك - ضمن الـ 900 مليون قرويّ - البعض ممّن شهد تحسّنـًا طفيفـًا في مستوى عيشه ووضعه الاجتماعي تحسّن بعض الشيء. ورغم ذلك، فإنّ هذا الربح الضئيل لم يصمد أمام نظام أسعار يعطي الأولوية للمنتوجات الصناعية على حساب المنتوجات الفلاحية ؛ ومرّة أخرى، وقع القرويون من جديدٍ في الفقر. لقد اتسعت الهوّة بين مدخول المجتمع الريفي ومدخول المجتمع الحضري بشكـل كبير، واستمرّت الفوارق الاقـتصادية في الازدياد، وظهر أصحاب أملاك جدد وفلاحون أغنياء في المناطق الريفية. وكالة الأنباء "سينهوا" - الناطق الرسمي باسم الـح ش ص - تذكرُ أنه منذ 1997، "مدخول الفلاحين في المناطق الرئيسية لإنتاج الحبوب، ومدخول معظم العائلات الريفية قد ركد، بل وتراجع في معظم الحالات." بعبارة أخرى، مدخول الفلاحين الحاصل عن المنتوج الفلاحي لم يزدد، بل على العكس، تناقص. وازدادت نسبة مدخول حضري/مدخول ريفي من 1,8 مقابل 1 في منتصف السنوات 80 إلى 3,1 مقابل 1 اليوم.

II. الإصلاح الصناعي والتجاري – تصفية طبقة الرأسماليين

كان الـح ش ص يريد تصفية طبقة أخرى، وهي الطبقة البورجوازية القومية التي كانت تملك رأسمالاً في المدن والتجمّعات الريفية. وفي الوقت الذي كان فيه الـح ش ص يُدخل تغييرات على الصناعة والتجارة في الصين، ادّعى أن الطبقة الرأسمالية والطبقة العمّالية هما مختلفتان في طبعهما من الأساس : الأولى هي الطبقة المستغـِلـّة، بينما الثانية هي الطبقة المستغـَلـّة وضدّ الاستغلال. حسب هذا المنطق، الطبقة الرأسمالية قد خـُلـِقت لكي تستغلّ وهي لن تكفّ عن فعـل ذلك حتى تموت ؛ إذ ًا فالحـلّ الوحيد هو تصفيتها لا إصلاحها. وانطلاقـًا من هذا الاستدلال المنطقي، لم يتورّع الـح ش ص عن استعمال القـتل وغسل الدماغ لكي يغيـّر الرأسماليين والتجار. لقد لجأ الـح ش ص إلى طريقته القديمة المتمثـلة في مساندة المطيعين وحمايتهم وتدمير أولئك الذين يعارضون. إذا وضعت كل أملاكك بين يدي الدولة وساندت الـح ش ص، إذ ًا فلم تكن تـُعتـَبَرُ سوى مشكل طفيف ضمن أفراد الشعب. وأمّا إذا لم تكن موافقــًا أو كـُنت تتذمّر من سياسة الـح ش ص، فقد كان يتمّ وصمك بأنك عدوّ الثورة وتصبح عرضة ً لديكتاتورية الـح ش ص الظالمة.

أثناء الحكم الإرهابي الذي نتج عن تلك الإصلاحات، سلــّم الرأسماليون وأصحاب الشركات كلــّهم أملاكهم. الكثير منهم لم يتحمّـلوا الإذلال ووضعوا حدّا لحياتهم. شان يي - رئيس بلدية شانغهاي في ذلك الوقت - كان يسأل كلّ يوم :"كم من المظلــّيين لدينا اليوم ؟" مشيرًا إلى الرأسماليين الذين انتحروا في ذلك اليوم مُلقين بأنفسهم من سطح البنايات الشاهقة. هكذا إذ ًا كيف قضى الـح ش ص على الملكية الخاصة في الصين، في ظرف سنوات قـليلة فقط.

وفي الوقت الذي كان الـح ش ص يُنفـّـذ فيه برامجه في الإصلاح الزراعي والمالي، شنّ في الوقت نفسه حركات اضطهاد كبيرة ضدّ الشعب الصيني. هذه الحركات كانت تضمّ : قمع "أعداء الثورة"، حملات الإصلاح الإيديولوجي، تطهيـر عصبة المعارضين للـح ش ص والتي كان يقودها غاوو غانغ و راوو شوشي، وبحث بشأن مجموعة "أعداء الثورة" بهوفانغ [3]، وأيضًا "حملة «الأضداد» الثلاثة" و "حملة «الأضداد» الخمسة"، والهدف الموضوع نصب الأعين هو القضاء على أعداء الثورة. لقد استعمل الـح ش ص هذه الحركات لكي يستهدف ويضطهد عددًا لا يُحصى من الناس الأبـرياء. وفي كلّ حركة سياسية، استعمل الـح ش ص بصفة كاملة سيطرته على الموارد الحكومية، بالاتـّفاق مع لجان الحزب، ودوائره، ونيابات دوائره. كان ثلاثة أعضاء من الحزب يشكـّـلون قوة ضاربة صغيرة، متسرّبين إلى كلّ القرى وما يحيط بها. هذه القوة الضاربة كانت متواجدة في كلّ مكان، لا تترك شبرًا من التراب دون أن تفحصه. شبكة السيطرة هذه عند الـح ش ص والمتجذرة بعمق، هي نتيجة وراثية لـ "شبكة الحزب الموضوعة داخل الجيش" لدى الـح ش ص أثناء سنوات الحرب، وقد لعبت منذ ذلك الحين دورًا هامّا ورئيسيّا في الحركات السياسية التي تـلت.

III. قمع المجموعات الدينية والشعبية

 

ارتكب الـح ش ص فظاعة أخرى، متمثـلة في قمعه العنيف للأديان ومنعه التامّ لكلّ المجموعات ذات الأصل الديني بعد خلق جمهورية الصين الشعبية. في سنة 1950، أعطى الـح ش ص أوامره للسلطات المحلية بمنع الاعتقادات الدينية غير الرسمية والطوائف السرية. كان يؤكـّد أن هذه الجماعات الخفيّة "الإقطاعية" كانت مجرّد أدواتٍ في أيدي أصحاب الأراضي والفلاحين الأغنياء والرجعيّين وعملاء الك م ت الخاصّين. في حركة القمع القومية هذه، عبّأت الحكومة الطبقات التي كانت تـثق فيها لكي تعثـر على أعضاء الجماعات الدينية وتضطهدهم. كانت السلطات، التي تـقع على مستويات مختلفة، متورّطة بصفة مباشرة في تبديد "طوائف الخرافة" كما تسمّيهم، مثـل الطائفة المسيحية، والكاثوليكية، والطاوية (وخصوصًا تلك التي تؤمن بـ : ايي- كوان طاوو) والبوذية. كانت تأمر كلّ أفراد الكنائس، أو المعابد أو الجماعات الدينية بأن يسجّـلوا أسماءهم لدى الوكالات الحكومية وأن يتوبوا من انضوائهم تحتها. ومن يخالف ذلك الأمر يعرّض نفسه لعقوبة ثـقيلة. في سنة 1951، أصدرت الحكومة رسميّا قوانين تهدّد أولئك الذين سيجرؤون على مواصلة نشاطاتهم ضمن جماعاتٍ دينيّة غير رسميّة، بالسجن على مدى الحياة، أو بالإعدام.

لقد اضطهدت هذه الحركة عددًا كبيـرًا من المؤمنين الطيبين والذين يحترمون القوانين. هناك إحصائيات غير كاملة تبيّن أنه، في السنوات الـ 50، قد اضطهد الـح ش ص (بما في ذلك عمليات الإعدام) على الأقـلّ ثلاثة ملايين شخص من ذوي المعتقدات الدينية وأفراد جماعات سرّية. كان الـح ش ص يُفتـّـش تقريبًا كلّ منزل عبر البلاد، ويسأل أفراد البيت، بل وحتـّى أنه يُحطـّم الآلهة حارسة البيوت التي درج القرويون الصينيون على تقديسها. كانت الرسالة التي تحملها عمليات الإعدام وتؤكـّدها هي أن الايديولوجية الشيوعية هي الايديولوجية الوحيدة والعقيدة الشرعية الوحيدة. وسرعان ما ظهر مفهوم "المؤمن الوطني". كان دستور الدولة يحمي المؤمنين "الوطنيين". في الحقيقة، مهما يكن الدين الذي يعتقد فيه الشخص، لم يكن هناك سوى مقياس واحد : على الشخص اتـّباع تعـليمات الـح ش ص والإقرار بأنه فوق كلّ الأديان. إن كـُنت مسيحيّا، فإن الـح ش ص كان ربّ ربّ المسيحيين. وإن كـُنت بوذيّا، فإن الـح ش ص كان سيّد السيّد بوذا. وإن كـُنت مسلمًا، فإن الـح ش ص كان إله الله عند المسلمين. أمّا بالنسبة للبوذا الحيّ في البوذية التيبتية، فإن الـح ش ص كان يتدخل ويختار بنفسه من سيكون البوذا الحيّ. وملخص القول أن الـح ش ص لا يترك لك الخيار سوى فيما تقول وتفعـل ما يطلب منك الـح ش ص قوله وفعله. كلّ المتديّنين كانوا مرغمين على تطبـيق أهداف الـح ش ص غير مُبقيـن من ديانتهم سوى على الاسم. عدم الرضوخ لذلك كان يجعلك هدفـًا لقمع الـح ش ص ولديكتاتوريته. حسب تحقيق صادر على موقع الانترنت لمجلة "الإنسانية وحقوق الإنسان"، نجد أنّ 20.000 مسيحيّا قد زاولوا الدراسة ضمن الـ  560.000 مسيحيّ التابعين لكنائس عائلية في 207 مدينة في 22 مقاطعة في الصين. أظهر البحث أنّ 130.000 عضوًا من بين أعضاء هذه الكنائس العائلية كانوا تحت رقابة الحكومة. في الكتاب المسمّى :"كيف اضطهد الحزب الشيوعي الصيني المسيحيين" (1958)، نكتشف أنّ الـح ش ص قد قـتل أكثر من  11.000 متديّنـًا وأنه قام بإيقاف عدد أكبـر من ذلك بكثيـر – إيقافهم بطريقة اعتباطية وابتزاز المال منهم. إذ ًا بتصفيته لطبقة أصحاب الأملاك والطبقة الرأسمالية، وباضطهاده لعدد كبير من المؤمنين والناس الذين يحترمون القوانين، كان الـح ش ص يمهّد الأرضيّة لكي تصيـر الشيوعية الدين الأوحد والمهيمن في الصين.

IV. حركة ضدّ- اليمينيين – غسل دماغ على نطاق قوميّ

في 1956، شكلت نخبة من المثقـفين المجريّين دائرة بيتوفي، وهي حلقة تنتقد الحكومة المجريّة أثناء المنتديات وحلقات النقاش. وسرعان ما شنـّت هذه المجموعة ثورة ً على نطاق وطني، ولكن هذه الثورة تمّ احتواءها ودكـّها من طرف الجنود السوفيتيين. وتعلـّم ماوو تسي تونغ درسًا من "الحادثة المجريّة". في 1957، دعا المثقـفين الصينيين وأفرادًا آخرين إلى "مساعدة الـح ش ص على إصلاح نفسه". هذه الحركة - والتي عـُرفت باسم "حركة المائة زهرة" - كانت تحت شعار "فلنترك مائة زهرة تتفتـّح ولنترك مائة مدرسة فكرية تتجابه". كان الهدف من هذه الحركة هو إخراج "العناصر التي هي ضدّ-الحزب من جملة الشعب" عن طريق الحيلة والدهاء. في 1957، وفي رسالة منه إلى رؤساء الحزب في المناطق الريفية، يتحدث ماوو عن نيّته في تركهم يعبّرون عن آرائهم بصراحة باسم حرّية الفكـر ومن أجل إصلاح الـح ش ص.

في ذلك الوقت، كانت الشعارات تشجع الناس على التعبيـر عن آرائهم وتعدهم بأنّ ذلك لن يؤدّي إلى عقوبات - الحزب "لن يبحث عن القمّـل في الرؤوس، لن يعطي ضرباتٍ بالعصا، لن يضع قبّعاتٍ على الرؤوس، ولن يصفــّي حساباته بعد الخريف" ومعنى ذلك أنّ الحزب لن يتحيّن الأخطاء، ولن يهاجم، ولن يقذف أحدًا بالنعوت، ولن يسعى للقمع. ولكن سريعًا إثر ذلك، أطلق الـح ش ص حركة "ضدّ-اليمينيين" ناعتـًا 540.000 ممّن تجرّؤوا على الكلام بأنهم "يمينيون". ومن بين هؤلاء، فـقد 270.000 مراكز عملهم، وتمّ وصم 230.000 بأنهم "يمينيون معتدلون" أو "عناصر معادية للاشتراكية، معادية للـح ش ص". وفيما بعد، قام بعضهم بتـلخيص الاستراتيجيات السياسية التي يستعملها الـح ش ص لاضطهاد الناس في أربع مراحل :"إخراج الثعبان من الجحر" ؛ اختلاق وتـلفيق جرائم، المهاجمة بطريقة مباغتة، والمعاقبة على عنصر اتهام واحدٍ ؛ المهاجمة دون هوادةٍ وذلك باسم تخليص الناس ؛ والإرغام على الانتقاد الذاتي مستعملاً في ذلك أقسى النعوت والصّفات.

إذ ًا ما كانت تلك "الخطابات الرجعيّة" التي قضت على العديد والعديد من اليمينيين ومن أعداء الشيوعية بالمنفى لأكثر من ثلاثين سنة في أنأى مناطق البلاد ؟ "النظريات الرجعيّة الثلاثة الرئيسية"، والتي تعرّضت في ذلك الوقت لهجماتٍ شرسة من طرف الجميـع، كانت تتمثـل في بضعة خطابات لـ : لوو لونغجي، جانغ بوجون، وشو آنبينغ. وإذا نظرنا عن كثبٍ إلى تطلــّعاتهم وما كانوا يقترحونه، سنكتشف أنّ تطلــّعاتهم تلك لم تكن بالخطورة التي تمّ تصويرها.

كان لوو يقترح تكوين لجنة موحّدة تجمع الـح ش ص ومختلف الأحزاب "الديموقراطية" لفحص الانحرافات والخـلل في حملة "الأضداد الثلاثة"، وحملة "الأضداد الخمسة" وحركة تصفية الثوريين. كان مجلس شؤون الدولة في العادة هو نفسه يضع أمرًا جاهزًا تمّ القرار في شأنه بين يدي اللجان الاستشارية السياسية للشعب الصيني والتجمع الشعبي لكي يُدليا بملاحظاتهما وتعليقاتهما، وكان جانغ يقترح أن يشارك المؤتمر الاستشاري السياسي والتجمع الشعبي، كلاهما، في صنع القرار. أمّا شو، فكان اقتراحه هو الآتي : بما أن أولئك غير المنتمين للـح ش ص كانت لهم أفكار جيدة، وكانوا جديرين بالاحترام، ولديهم روح المسؤولية، فإذ ًا لم تكن هناك حاجة لوضع عضو من أعضاء الـح ش ص على رأس كلّ خليّة عمل، صغيرة كانت أو كبيرة، وفي كلّ البلاد، وأكثر من ذلك، لم تكن هناك أدنى حاجة لوضع عضو ح ش ص على رأس الفرق المتعلقة بخلايا العمل. لم تكن هناك حاجة إلى أن كلّ شيءٍ، صغيرًا كان أو كبيرًا، كان بالضرورة يتمّ على الشكـل الذي يُـريده أعضاء الـح ش ص. كلّ من الرجال الثلاثة قد عبّر عن رغبته في اتـّباع الـح ش ص ولم تتجاوز أيّ من اقتراحاتهم الحدود التي وصفها الأديب والناقد المعروف لو سون [4] كالتالي :"سيدي، ثوبك أصبح متسخـًا. من فضلك، دعني أنزعه عنك وأغسله لك." تمامًا مثـل لو سون ، كان هؤلاء اليمينيون يعبّرون عن الطاعة والمرونة والاحترام.

لم يكن أيّ أحد من هؤلاء "اليمينيين" يقترح الإطاحة بالـح ش ص، كان كلّ ما يقدّمونه هو النقد البنّاء. نتيجة لهذه الاقتراحات بالتحديد، فـقد مئات الآلاف من الناس حرّياتهم. وقد أصابت هذه الكارثة ملايين العائلات. وتبع هذا ظهور المزيد من الحركات مثـل "الاعتراف للـح ش ص"، "البحث عن "، حملة الأضداد الثلاثة" الجديدة، إرسال المثقـفين إلى الأشغال الشاقة في الأرياف، والقبض على اليمينيين الذين أفلتوا من الموجة الأولى. أيّ شخص كان يختلف في الرأي مع رئيس خليّة العمل كان يُنعَتُ بأنه عدوّ الـح ش ص. كان الـح ش ص يُسلــّط عليهم انتقادات دائمة ويُرسلهم إلى مخيّمات عمل إجباري ليتمّ إعادة تربيتهم. أحيانـًا كان الحزب ينقـل عائلاتٍ بأكملها إلى مناطق ريفية أو يمنع الأبناء من دخول المعهد أو الجيش. لم يكن من حقــّهم المطالبة بمركز عمل لا في المدن ولا في القرى. كانت العائلات تفـقد حقــّها في مركز عمل آمن يقيها الحاجة وحقــّها في خدمات الصحة العمومية. لقد أصبحوا في مؤخرة صف القرويين والمنبوذين، حتـّى بين مواطني الطبقة الثانية.

بعد اضطهاد المثقـفين، تكوّنت لدى بعضهم ازدواجية في الشخصية. إذ اتـّبع بعضهم "الشمس الحمراء" وأصبحوا "المثقـفين المُعيـّنين من طرف الساحة الملكية" للـح ش ص ، يقولون ويفعلون كلّ ما يطلبه الـح ش ص منهم. وهناك آخرون ابتعدوا عن الأمور السياسية. إن المثقـفين الصينيين لديهم في العادة وعي ناضج بمسؤوليتهم تجاه أمّـتهم، ولكنهم منذ ذلك الحين وقـع إخماد أصواتهم.

V. القفزة الكبرى نحو الأمام – اختلاق أكاذيب لاختبار ولاء الشعب

إثر حركة ضدّ-اليمين، نشأ لدى الصينيين خوف من الحقيقة. أخذ كلّ الناس يستمعون إلى الأكاذيب ويروون الأكاذيب، ويختـلقون حكايات، ويتهرّبون من الواقع أويُخفونه عن طريق الأكاذيب والإشاعات. "القفزة الكبرى نحو الأمام" كانت ممارسة جماعية وطنية للكذب. شعبٌ بأكمله، بإشرافٍ وتوجيهٍ من الشيطان – الـح ش ص، قام بأشياء سخيفة ومضحكة. أولئك الذين يكذبون وأولئك الذين يُكذ َبُ عليهم، كلــّهم قد تمّ التغرير بهم. في حملة الأكاذيب والأعمال السخيفة هذه، زرع الـح ش ص طاقته العنيفة والخبيثة في العالم الروحي للشعب الصيني. في ذلك الوقت، كان الكثير يُنشدون الأغنية المناصرة للقفزة الكبرى نحو الأمام :"أنا امبراطور اليشب، أنا الملك-التنين، أنا قادر على تحويـل الجبال والأنهار من أمكنتها، هاأنذا." [5] وسنة بعد أخرى، انخرط الجميـع في سياسات مثـل "بلوغ نسبة إنتاج حبوب تساوي 7.5 طن في الهكتار الواحد"، "مضاعفة إنتاج الصلب"، "التفوّق على بريطانيا العظمى في ظرف عشر سنوات وعلى الولايات المتحدة في ظرف خمسة عشر سنة". وقد أفضت هذه السياسات إلى مجاعة وطنية كبرى وأودت بحياة الملايين.

مَنْ مِنَ الأعضاء المشاركين في الجلسة المكتملة الثامنة للجنة المركزية الثامنة للـح ش ص التي انعقدت بلوشان في 1959 لم يكن يشاطر القائد بانغ دوهواي [6] الرأي في أنّ القفزة الكبرى إلى الأمام التي أطلقها ماوو تسي تونغ كانت أمرًا جنونيّا ؟ كان الكلّ يرى أنها جنون. ولكن، تأييد سياسة ماوو أو عدم تأييدها كان يمثـل الخط الفارق بين الولاء والخيانة، الخط الفارق بين الحياة والموت. إحدى حكايات التراث الصيني تروي أنه عندما كان جاوو غاوو [7] يدّعي أن الأيل حصان، فهو كان يعلم تمامًا الفرق بين الأيل والحصان، ولكنه كان - عن قصدٍ - يدعو الأيل حصانـًا ليسيطر على الرأي العام، ويُسكت الأصوات المعارضة، ويبسط نفوذه أكثر. النتيجة التي أفضت إليها جلسة لوشان هي أن بانغ دوهواي نفسه اضطرّ إلى المصادقة على قرار يُدينه ويقضي بإقصاءه من الحكومة المركزية. وفي نفس السياق، في الأعوام التي تـلت الثورة الثقافية، اضطرّ دانغ سياووبينغ إلى التعهّد بأنه لن يعترض مُطلقا على قرار الحكومة بتجريده من مهامّه.

إنّ المجتمع يرتكـز على تجارب الماضي لكي يفهم العالم المُحيط به، ويُوسّع آفاقه. ومع ذلك فإنّ الـح ش ص قد انتزع من الناس كلّ إمكانية ليتعلـّموا تجارب ودروسًا تاريخية. ولم تقم الرقابة الرسمية على وسائـل الإعلام سوى بإضعاف قدرة الناس على التمييز بين الخير والشرّ. بعد كلّ حركة سياسية، تكون الأجيال الصغرى قد استمعت إلى وجهة نظر الحزب فقط، وتكون قد حُرمت من تجارب الأجيال السابقة وخبراتها ومُـثـلها. ممّا نتج عنه أنّ الناس لم يعد لديهم سوى معلومات متناثرة لكي يفهموا التاريـخ ويحكموا على الأحداث، كان يذهب إلى ظنهم أن وجهة نظرهم صائبة في حين أنهم كانوا على بعد كيلومترات من الحقيقة. وهكذا فإنّ سياسة الـح ش ص المتمثـلة في إبقاء الناس في حالة الجهل، قد تمّ تطبيقها بدقة وعناية.

VI. الثورة الثقافية – استحواذ شيطاني يهزّ العالم

لقد كانت الثورة الثقافية استعراضًا كبيرًا قدّمه شيطان الـح ش ص عندما كان مستحوذ ًا على كلّ الصين. في 1966، سرت موجة جديدة من العنف في الصين ؛ رعبٌ أحمر لا يُكبَحُ جماحه رجّ الجبال وجمّد الأنهار. وقد صوّر الكاتب تشي مو الثورة الثقافية بواسطة هذه العبارات القاتمة :

 "لقد كانت كارثة لم يسبـق لها مثيل : سجن الـح ش ص ملايين الناس بسبب صلتهم بأفراد عائلتهم (المُستـَهدَفين)، ووضع حدّا لحياة ملايين الناس، وحطم عائلات، وحوّل أطفالاً إلى متسكعين ومتشردين، وأحرق كتبًا، وهدم معالم تاريخية، وخرب قبور مثقـفين، واقترف كل أنواع الجرائم باسم الثورة."

 حسب إحصائيات غير دقيقة، فإنّ عدد الوفيّات غير الطبيعية في الصين أثناء الثورة الثقافية يُقــَدّر بـ 7.73 ملايين.

كثيرًا ما يظنّ الناس - خطأ ً- أنّ العنف والجرائم أثناء الثورة الثقافية قد حدثت خاصّة ً نتيجة لحركات التمرّد وأنّ الحرس الأحمر والمتمرّدين هم من ارتكبوا المجازر. ولكن آلاف التقارير السنوية عن المقاطعات الصينية والصادرة رسميّا تشير إلى أن ذروة حالات الوفاة غير الطبيعية أثناء الثورة الثقافية لم تكن سنة 1966، حين كان الحرس الأحمر يسيطر على معظم المنظمات الحكومية، ولا سنة 1967، حين كان المتمرّدون يقاتلون ضمن مختلف المجموعات بأسلحة عسكرية، بل في 1968، عندما استعاد ماوو نفوذه على البلاد بأكملها. كثيرًا ماكان القـتلة في هذه الأحداث البشعة هم ضبّاط عسكريون وجنود وميليشيات مسلحة وأعضاء من الـح ش ص في مختلف المستويات الحكومية.

الأمثال التالية تبيّن إلى أيّ مدًى كان العنف أثناء الثورة الثقافية هو سياسة الـح ش ص والحكومات الجهوية، وليس السلوك المتطرف للحرس الأحمر. لقد أخفى الـح ش ص مشاركته المباشرة في الحملة والتعليمات الصادرة عن مسيّري الحزب وموظفي الحكومة.

في أغسطس 1966، أطرد الحرس الأحمر سكان بيكين الذين سبق وأن صُنـّفوا في حركات سابقة على أنهم "أصحاب أملاك، فلاحون أغنياء، رجعيّون، عناصر سيئة، ويمينيون" وأرسلوهم إلى الريف. تشيـر إحصائيات رسمية غير تامّة إلى أن 33.695 منزلاً قد تمّ تفتيشه وأن 85.196 من سكان بيكين قد تمّ إخراجهم من المدينة وطردهم إلى من حيث جاء آبائهم في الأصل. لقد طبـّـق الحرس الأحمر هذه السياسة في كل البلاد، مُخرجًا أكثر من 400.000 ساكن حضريّ إلى الريف. وحتى موظفون سامون ممّن كان آبائهم أصحاب أراض اضطرّوا للذهاب إلى الريف.

في الحقيقة، لقد خطط الـح ش ص لحملة الطرد هذه حتى قبل أن تبدأ الثورة الثقافية. نجد أن عمدة بيكين الأسبق بانغ جان، قد صرّح بأنّ سكان مدينة بيكين عليهم أن يكونوا - ايديولوجيّا - أنقياء نقاوة "أعمدة الزجاج والبلور"، ويقصد من ذلك أن كلّ المتساكنين الذين ينتمون إلى طبقة اجتماعية سيئة سيُطرَدون من المدينة. في مايو 1966، أمر ماوو أتباعه بـ "حماية العاصمة"، وتمّ وضع فريـق عمل خاص بالعاصمة، يقوده يي دجيانيينغ، يانغ شانغوو و سيي فوجي. وكان من بين مهامّه أن يستعمل الشرطة لطرد سكان بيكين الذين لهم سوابق طبقية سيئة.

هذه الحكاية توضح لماذا لم تتدخل الحكومة والشرطة، بل ساندتا الحرس الأحمر في تـفتيش المنازل وطرد أكثر من 2 % من سكان بيكين. وزير الأمن العمومي، سيي فوجي، أمر بألاّ تتدخل الشرطة في عمليّات الحرس الأحمر، بل بأن تسدي لهم النصيحة والمعلومات. بكل بساطة، لقد تمّ استعمال الحرس الأحمر من طرف الحزب للقيام بعمليات منظمة. ثمّ، مع نهاية 1966، تخلــّى الـح ش ص عن هذا الحرس الأحمر. الكثير من أفراد الحرس تمّ تصنيفهم على أنهم أعداء الثورة وتمّ سجنهم، آخرون تمّ طردهم إلى الريف مع حضريين شباب آخرين ليشتغلوا هناك ويتمّ "إصلاح عقـلياتهم". منظمة الحرس الأحمر غرب المدينة، والتي قامت بطرد المتساكنين من المدينة، تمّ تأسيسها بإشراف و "سهر" من زعماء الـح ش ص. وفيما بعد، الأمر الذي يقضي بإدانة نفس هذا الحرس الأحمر، قد صدر هو أيضًا، بعد أن تمّت مراجعته من طرف الأمين العام لمجلس شؤون الدولة.

على إثر طرد البيكينيين الذين ينتمون للطبقة الاجتماعية السيئة، في 26 أغسطس 1966، تمّ إبلاغ خطاب سيي فوجي إلى قسم الشرطة بداسينغ أثناء انعقاد اجتماع عمل. لقد أمر سيي الشرطة بمساعدة الحرس الأحمر في تفتيش منازل "الطبقات السوداء الخمس" (أصحاب الأراضي، الفلاحون الأغنياء، الرجعيّون، العناصر السيئة، واليمينيون)، وذلك عبـر إسداء النصيحة والمعلومات له، ومساعدته في هجوماته. إنّ مجزرة داسينغ [8] الشنيعة قد حدثت تبعًا للتعليمات المباشرة لأقسام الشرطة. من نظـّم العملية كان المديـر وأمين قسم شرطة الـح ش ص، والقـتلة الآخرين كانوا في معظمهم ميليشيات، ولم يستثنوا حتـّى الأطفال. هناك الكثيـر الذين وقـع إدخالهم في الـح ش ص كمكافأة على "سلوكهم الجيد" أثناء المجازر. حسب إحصائيات منقوصة عن مقاطعة غوانغسي، نجد أن قرابة 50.000 عضوًا من أعضاء الـح ش ص كان متورّطـًا في المجازر. ونجد من بينهم 9.000 وقع إدخاله في الحزب فقط إثر مرور فترة قصيرة على ارتكابه لجريمة قـتل. أكثر من 20.000 ارتكبوا جرائم القـتل بعد انخراطهم في الحزب، وأكثر من 19.000 عضو آخر من أعضاء الحزب كانوا متورّطين في أحداث القـتل بشكل أو بآخر.

أثناء الثورة الثقافية، كانت النظرية الطبقية تنطبـق أيضًا على ممارسة الضرب. إذا ضُربَ الأشرار من طرف الأخيار، فذلك أنهم يستحقــّون ذلك. وإذا ضُربَ شخص شرّيـر من طرف شخص شرّيـر آخر، فذلك يُعَدّ شرفـًا للضارب. وإذا ضُربَ شخص خيّـر من طرف شخص خيّـر آخر، فتلك تـُعَدّ هفوة ً. هذه النظرية هي من اختراع ماوو، وكانت منتشرة بشكل واسع أثناء حركات التمرّد. كان العنف والتقـتيل منتشريْن كثيرًا تبَعًا للمنطق القائـل بأنّ أعداء الصراع الطبقي يستحقــّون العنف الذي يُمارَسُ ضدّهم.

من 13 أغسطس إلى 17 أكتوبر 1967، قام الميليشيون التابعون لمحافظة داوو من مقاطعة هونان بتقـتيل عناصر منظمة "رياح وعواصف سيانغدجيانغ" وعناصر "الطبقات السوداء الخمس". ودامت المجزرة 66 يومًا ؛ أكثر من 4.519 شخصًا من 2.778 أسرة تمّ قـتلهم في 468 قرية إدارية من 36 بلدية شعبية في 10 أقاليم. وفي المجموع 9.093 شخصًا تمّ قـتلهم، 38 % من بينهم كانوا ينتمون لـ "الطبقات السوداء الخمس" و44 % كانوا أبنائهم. كان أكبـر الضحايا سنا عمره 78 عامًا، وأصغـر الضحايا سنا عمره 10 أيام.

لم يكن هذا سوى حالة واحدة من حالات العنف، في حدود منطقة صغيرة، أثناء الثورة الثقافية - في منغوليا الداخلية، نجد أنه بعد وضع "اللجنة الثورية" في بداية عام 1968، قـتل التطهيـر الطبقي وعمليّات تطهيـر الحزب المُختـلق -"الحزب الثوري لشعب منغوليا الداخلية"- أكثر من 36.000 شخصًا. في عام 1968، شارك عشرات آلاف الأشخاص في مقاطعة غوانغسي في التقـتيل الجماعي للفئة المتمرّدة من منظمة "422"، وقضَوْا بذلك على 110.000 شخصًا. هذه الحالات تبيّن أن أعمال التقـتيل والمجازر أثناء الثورة الثقافية جميعها آتية من الأوامر والتحريضات المباشرة لرؤساء الـح ش ص، الذين أباحوا العنف واستعملوه لاضطهاد المواطنين وقـتلهم. هؤلاء القـتلة المتورّطون مباشرة في إعطاء إشارة الانطلاق للمجازر وتنفيذها، كانوا معظمهم من الجيش، من الشرطة، من الميليشيات المسلحة، وأيضًا أعضاء بارزون من الحزب ومن رابطة الشباب.

أثناء الإصلاح الزراعي، استعمل الـح ش ص الفلاحين للإطاحة بمالكي الأراضي وذلك للاستحواذ على الأراضي ؛ أثناء الإصلاح الصناعي والتجاري، استعمل الطبقة العاملة للإطاحة بالرأسماليين وذلك للاستحواذ على أرزاقهم ؛ أثناء حركة ضدّ-اليمين، قام بتصفية كلّ المثقـفين الذين لديهم رأي معارض – إذ ًا ما كان الهدف من كل مجازر الثورة الثقافية ؟ لقد استعمل الـح ش ص مجموعة ً ليقـتل بها مجموعة ً أخرى، دون أن يمنح ثـقته لأيّ طبقة. حتـّى وإن كـُنت تنتمي للطبقة العاملة أو طبقة الفلاحين اللتيْن اعتمد عليهما الـح ش ص في الماضي، هذا لا يمنع أنه عندما تكون وجهة نظرك مخالفة لوجهة نظر الحزب، فإنّ حياتك تكون في خطر. إذ ًا في النهاية، لـِمَ كلّ هذا ؟

كان الهدف هو خلق شيوعية تكون هي الدين الوحيد والأوحد المهيمن على البلاد بأكملها، مسيطرًا لا فقط على الدولة، بل على روح كلّ فردٍ.

لقد دفعت الثورة الثقافية للـح ش ص عبادة شخص ماوو تسي تونغ إلى درجة قصوى. كان يتمّ استعمال نظرية ماوو لفرض كلّ شيءٍ وكان على وجهة نظر شخص واحد أن ترتسم وتـُنحَتَ في عقول ونفوس الملايين. إن الثورة الثقافية - وبوسائل وطرق غير مسبوقة ولن يوجد لها مثيل أبدًا - لم تكن تحدّد ما لا يمكن فعله، وكان ذلك مقصودًا طبعًا. وبدلاً عن ذلك كان الحزب يبرز ما يمكن فعله وكيف القيام به. وكلّ ماكان يخرج عن هذا الإطار، لم يكن ممكنـًا فعله ولا حتـّى تصوّره.

أثناء الثورة الثقافية، كان الجميـع في البلد يُمارسون طقسًا مثـل الطقوس الدينية :"توجهوا إلى الحزب بطلب توجيهات في الصباح وقوموا بتقريـر للحزب في المساء"، إرسال التحية والسلام إلى ماوو تسي تونغ عدة مرات في اليوم مع تمنـّي عمر مديد لا يفنى له، والقيام بصلوات سياسية صباحًا ومساءًا، بشكـل يومي. تقريبًا كل شخص متعلــّم في الصين قد عاش تجربة تحرير النقد الذاتي وتقارير عن الأفكار. كـُنتَ كثيرًا ما تسمع الناس يتـلون أقوال ماوو مثـل :"صارعوا بشراسة كلّ فكرة أنانية" و "نفـّذوا التعليمات سواءًا كانت الأهداف واضحة بالنسبة لكم أم لا، سيتعمّـق فهمكم أثناء عملية التنفيذ."

"إله" واحد كان يُسمَحُ بعبادته، وهو ماوو ؛ وكتابات واحدة كان يُسمَحُ بدراستها، وهي تعاليم ماوو. وفيما بعد تطوّر "تأليه" ماوو إلى درجة أنّ الناس لم يكونوا يستطيعون شراء طعام من المطعم دون أن يتـلوا قولة لماوو أو أن يُحيّـوا ماوو. عند القيام بالمشتريات، عند السفـر في الحافلة، أو حتـّى للقيام بمكالمة هاتفية، كان ينبغي تلاوة حكمة من حكم ماوو، حتـّى وإن لم تكن لديها أيّ علاقة مع ما نحن بصدد فعله. عند القيام بهذه الأشياء، كان الناس صنفيْـن : يكونون إمّا متعصّبين وإمّا سوداويين متشائمين، وفي الحالتين يكونون تحت سيطرة ذلك الشيطان، شيطان الشيوعية. صنع الكذب، وإباحة وجود الكذب والاعتماد على الكذب أضحى نمط عيش الشعب الصيني.

VII. عصر الإصلاح الاقتصادي – العنف يتطور مع الزمن

لقد كانت الثورة الثقافية فترة أهدِرَ فيها دم كثير، فترة مليئة بالمجازر، بالتظلــّمات، بفقدان الضمير وبالخلط بين الخير والشرّ. بعد الثورة الثقافية، أخذ مسيّرو الـح ش ص يُغيّرون شعاراتهم بكثرة بينما الحكومة نفسها تغيّرت ستة مرات في ظرف عشرين سنة. رجعت الملكية الخاصة إلى الصين، وتضخـّم الفارق في مستوى العيش بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، اتـّسعت رقعة المساحات الصحراوية بسرعة، مياه الأنهار جفـّت، وازداد استهلاك المخدرات وممارسة الدّعارة. كلّ "الجرائم" التي حاربها الـح ش ص أصبحت مُباحة من جديد.

قـلب الـح ش ص القاسي وعديم الرحمة وطبيعته، آثامه، وقدرته على تخريب البلد، كل هذا قد كبـُرَ وازداد. أثناء مجزرة تيانانمن في 1989، عبّأ الحزب الجيش والدبابات لقـتل الطلبة الذين كانوا يتظاهرون في ساحة تيانانمن والاضطهاد الحالي لممارسي الفالون غونغ لهو أدهى وأمرّ. في أكتوبر 2004، عبّأت الحكومة المحلية 1.600 شرطيا من شرطة قمع المظاهرات لإيقاف 50 فلاحًا وقـتلهم ومصادرة أراضيهم في مدينة يولين، في مقاطعة شآنسي. إن الحكم السياسي للحزب الصيني قد انبنى دومًا على فلسفة صراع وعنف. الفارق الوحيد مع الماضي هو أن الحزب أصبح فاسدًا أكثر.

1- صنع القانون

لم يكفّ الـح ش ص أبدًا عن زرع الفتن والأحقاد بين الناس. لقد حكم على عدد كبير من المواطنين المتهمين بكونهم رجعيّين، أعداء للاشتراكية، عناصر سيّئة، وأعضاء جماعات وفرق شيطانية. إنّ الطبيعة الشمولية للـح ش ص لا تزال تدخل في صراع مع كل المجموعات والمنظمات المدنية الأخرى. باسم الحفاظ على "الاستقرار الاجتماعي"، غيّر الحزب باستمرار الدساتر، والقوانين والتعليمات، واضطهد كل شخص غير متـّفق مع الحكومة بتهمة أنه رجعيّ.

في يوليو 1999، قرّر جيانغ زمين - بصفة شخصيّة - وضدّ إرادة غالبية أعضاء المكتب السياسي الآخرين، تصفية الفالون غونغ في ظرف ثلاثة أشهر ؛ وعمّت الأكاذيب البلاد مرّة ً أخرى. في مقابلة أجرتها معه صحيفة لوفيغارو الفرنسية، اتـّهم جيانغ زمين علانية ً الفالون غونغ بأنها "طائفة شيطانية"، وإثر ذلك تبعه أصحاب الدعايات الصينيون، وسرعان ما نشروا مقالاتٍ تمارس ضغطـًا متزايدًا على الناس لكي ينقـلب كلّ شخص في البلاد ضدّ الفالون غونغ. وفي نهاية الأمـر، أجبـِر التجمّع الشعبي الوطني على إصدار "قرار" يتناول أمر الطوائف الشيطانية ؛ وبعد ذلك بوقت قصير، أصدرت المحكمة الشعبية العليا بالشراكة مع المحكمة الصغرى الشعبية العليا "تفسيرًا" لهذا "القرار".

في 22 يوليو 1999، نشرت وكالة الصحافة سينهوا خطابات لمسيّري قسم تنظيم الـح ش ص وقسم الدعاية، يؤيّدون علنـًا اضطهاد جيانغ للفالون غونغ. وألفى الشعب الصيني نفسه مسجونـًا في شباك الاضطهاد فقط بسبب قرار اتـّخذه الحزب ؛ فليس بوسعه سوى إطاعة الأوامر وليس قادرًا على القيام بأدنى اعتراض.

أثناء السنين الخمس الأخيرة الماضية، أنفقت الحكومة ربع الموارد المالية القومية على اضطهاد الفالون غونغ. وأجبـِر كلّ الناس في البلاد على الخضوع لاختبار : أغلب أولئك الذين يُقرّون أنهم يمارسون الفالون غونغ ويرفضون التخلــّي عن الممارسة كانوا يفـقدون مراكز عملهم، والبعض منهم حـُكـِم عليه بالأشغال الشاقة. إنّ ممارسي الفالون غونغ لم يخرقوا أيّ قانون، لم يخونوا بلادهم، ولم يعترضوا على الحكومة ؛ لم يفعلوا سوى كونهم يؤمنون بـ "الحق، الرحمة، الصبـر". ومع ذلك، فإنّ مئات آلاف الأشخاص قد سُجـِنوا. وفي نفس الوقت الذي كان الـح ش ص يضع فيه حصارًا معلوماتيّا منيعًا، تمّ تعذيب 1.100 شخصًا إلى حدّ الموت وفق ما أكـّدته عائلاتهم – وعدد القـتلى غير المسجّـلين لهو أكبر.

2- التضليل المعلوماتي

في 15 أكتوبر 2004، نقـلت صحيفة وانوا يباو (وان هوي باوو) في هونغ كونغ أنّ القمـر الصناعي رقم عشرين، أثناء عودته إلى الأرض، قد سقط على منزل هوو جيو في بلدة بنغلاي الموجودة في إقـليم دايين من مقاطعة سيشوان. كان التقرير يذكـر آيي يوتشينغ، مدير المكتب الحكومي لإقليم دايين، مؤكـّدًا أن "الكتلة السوداء" كانت بالفعـل القمر الصناعي. لقد كان آيي هو نفسه المدير المساعد لمشروع استرجاع المركب الفضائي. ورغم ذلك فإنّ سينهوا لم تعلن سوى عن ساعة عودته، مبرزة ً أنه القمر الصناعي التجريبي العلمي والتـقني رقم عشرين الذي عثرت عليه الصين. سينهوا لم تكلــّف نفسها حتـّى ذكـر سقوط المركب على منزل. هذا مثال حيّ ونموذجي عن الممارسة المعتادة لتقارير وسائل الإعلام الصينية :  إذاعة الأخبار الحسنة وكتمان الأخبار السيئة تـنفيذ ًا لأوامر الحزب.

إنّ الأكاذيب والثـلب الذي يُنشَـرُ في الصحف ويُذاع في التلفزيون قد ساهم كثيرًا في تفعيل سياسة الـح ش ص في كلّ الحركات السياسية السابقة. إنّ أوامر الحزب يتمّ تنفيذها بصفة فورية من قـِبَـل جميـع وسائـل الإعلام في البلاد. عندما أراد الحزب بعث حركة ضدّ اليمين، أخذت وسائـل الإعلام، في كلّ البلاد، تذيــع بصوت واحد جرائم اليمينيين. عندما أراد الحزب تأسيس الجمعيات الشعبية، أخذت كلّ صحيفة في الوطن تـُثني على محاسن الجمعيات الشعبية. أثناء الشهر الأول من اضطهاد الفالون غونغ، كلّ المحطات التلفزية والإذاعية شتمت دون هوادةٍ الفالون غونغ وفي الساعات التي يتمّ فيها الإقبال بكثرة وذلك لغسل دماغ الناس. ومنذ ذلك الحين، استعمل جيانغ كلّ وسائـل الإعلام لاختراع أكاذيب وشتائم متكرّرة بخصوص الفالون غونغ ونشرها بين الناس، محاولاً تأليب الرأي العامّ على الفالون وتحريض الرأي العامّ على كره الفالون غونغ، وذلك بواسطة بثّ أخبار مُختـَلقة عن ممارسين يرتكبون جرائم قـتل وانتحار. مثال على هذا النوع من التصويـر المزيّف هو حادثة "الانتحار حرقـًا في تيانانمن" المزعومة، والتي ندّدت بها الـمنظمة غير الحكومية العالمية للتنمية التربوية أمام الأمم المتحدة بجنيف على أنها حادثة مفبركة من طرف الحكومة لخداع الناس. أثناء السنين الخمس الأخيرة الماضية، لم تنقـل أيّ صحيفة أو قناة تلفزية في شبه القارة الصينية حدثـًا صادقـًا واحدًا بخصوص الفالون غونغ.

إن الشعب الصيني متعوّد على الأخبار الكاذبة من وسائل الإعلام. هناك صحفي قديم من وكالة سينهوا قد قال مرّة ً :"كيف تستطيعون تصديق تقارير سينهوا ؟" إنّ الناس يصفون وكالات الصحافة الصينية حتـّى بكونها كلاب الحزب. ومثـلما تصف ذلك الأغنية الشعبية :"إنه كلب قد ربّاه الحزب، ويحرس باب الحزب. سيعضّ من يقرّر الحزب أنه يجب أن يُعَضّ، وسيعضّ عدد المرّات التي يريدها الحزب !"

3- التربية

في الصين، أصبحت التربية والتعليم وسيلة إضافية أخرى للتحكـّم في الناس. في الأصل، كانت التربية تهدف، علاوة ً على تحصيل المعارف، إلى التنمية العقـلية لمَـلكة التمييـز. إنّ المعرفة تعني فهم المعلومة، فهم المعطيات والأحداث التاريخية، اكتساب رأي أثناء مسار التحـليل والبحث والنقد وإعادة إنتاج هذه المعرفة – مسار تنمية روحية. أولئك الذين لديهم معرفة دون أن يكون لهم رأي شخصي مميّز، هم أشبه ما يكونون بفئران المكتبة، لا بمثقـفين حقيقيين لديهم وعي وضميـر اجتماعي. لذلك نجد أنه في التاريـخ الصيني، كان المثقـفون الذين لديهم رأي مستقـلّ هم الذين يحظوْن فعلاً بالاحترام والتقديـر، وليس أولئك الذين لديهم فقط المعرفة. ولكن، تحت حكم الـح ش ص، أصبحت الصين تعجّ بالمثقـفين الذين لديهم المعرفة ولكن ليس لديهم رأي أو أنهم لا يجرؤون على ممارسة حرّية الرأي. إن التربية في المدارس لا تلقــّن الطلبة سوى عدم فعـل الأشياء التي لا يريد الحزب أن يفعلوها. في هذه السنين الأخيرة أخذت كلّ المدارس تعلــّم سياسة الـح ش ص وتاريخه معتمدة ً كتبًا مدرسية ً موحّدة ً. المدرّسون لا يعتقدون في محتوى النصّ، ولكن "نظام" الحزب يُجبرهم على تدريسه رغم إرادتهم. الطلبة لا يصدّقون الكتب المدرسية ولا أساتذتهم، ولكن عليهم أن يحفظوا ذلك عن ظهر قـلبٍ إذا كانوا يريدون النجاح في الامتحان. ومؤخرًا، تمّت إضافة أسئلة تهمّ الفالون غونغ إلى امتحانات دخول الجامعات والمدارس الثانوية. والطلبة الذين لا يعرفون الأجوبة النموذجية لا يحصلون على الأعداد الممتازة ويفقدون حظوظهم في الدخول إلى الجامعات الجيدة أو المدارس الثانوية الجيدة. إن تجرّأ طالب على قـول الحقيقة، يتمّ طرده في الحال من المدرسة ويفـقد حقــّه في التربية العمومية.

في نظام التربية العمومية، وبتأثيـر من الصحف والوثائق الحكومية، هناك عديد الأمثال والمقولات الشهيرة أصبحت تـُشاع على أنها حقائق، مثل قولة ماوو :"علينا مساندة ما يعارضه العدوّ ومعارضة ما يسانده العدوّ". وشاع تأثيرها السلبي في كل مكان : لقد سمّموا قلوب الناس، وأبعدوا الإحسان والطيبة وقوّضوا المبدأ الأخلاقي المتمثـل في العيش بسلام وانسجام.

في 2004، قام رجل متعصّب بفري 28 طفلاً بسكـّين في مدينة سوجو. في 20 سبتمبر، جرح رجل من مقاطعة شاندونغ 25 تلميذ ًا من مدرسة ابتدائية بسكـّين. وأجبـر بعض مدرّسي المدارس الابتدائية التلاميذ على صنع متفجرات يدويّة وذلك لتنمية مداخيل المدرسة، متسببين في انفجار ومات تلاميذ جرّاء ذلك الانفجار.

4- تنفيذ السياسات

كثيرًا ما استعملت إدارة الـح ش ص التهديد والإرغام لـتـتأكد من تنفيذ الشعب للسياسات التي تريدها. ومن بين الوسائـل التي تستعملها هي الشعار السياسي. لفترة طويلة، اعتمد الـح ش ص عدد الشعارات المُعَلــّقة كمقياس لتقييم المساهمة السياسية لكلّ فردٍ. وأثناء الثورة الثقافية، أصبحت بيكين بين عشيّة وضحاها مثـل "بحـر أحمر" من مُعَلــّقات داتسيباوو (صحيفة حائطية صينية مُعلــّقة في الأماكن العمومية). كنتَ ترى شعار "ليسقط حكم الرأسماليين في الحزب" في كلّ مكان. وفي الأرياف، تمّ اختصاره - من سخرية القدر - إلى "ليسقط الحزب".

مؤخرًا، ولتفعيـل القانون الخاصّ بحماية الغابات، قام مكتب الدولة المُكلــّف بالتأجيم (الزراعة الغابية) وكلّ محطاته وفروعه، ومكاتب حماية الغابات - فيما يشبه الأمـر - بتحديد عددٍ معين من الشعارات التي يتعيّن تعليقها. ومن لا يبلغ ذلك العدد المُحدّد، يُعتـَبَـرُ أنه لم يقم بالعمل المطلوب منه. ونتيجة لذلك، علــّقت المكاتب المحلية للحكومة عددًا كبيـرًا من الشعارات مثـل :"من يحرق الغابات إلى السجن مصيره". في السنوات الأخيرة، وُجـِدت في إدارة مراقبة الولادات شعارات مخيفة أكثر :"إن اخترق أحدهم القانون فإنّ كل القرية سيتمّ تعقيمها"، "قبـر جديد أفضل من مولود جديد"، أو "إن لم يخضع لاسئصال الأسهر كما يتعيّن عليه، سيُهدَمُ منزله ؛ إن لم تخضع لإجهاض كما يتعيّن عليها، فستـُفتكّ منها بقراتها وحقول أرزّها." بل هناك حتـّى شعارات ترمي عرض الحائط بحقوق الإنسان وبالدستور مثـل :"تنام في السجن غدًا إن لم تدفع ضرائبك اليوم."

إنّ الشعار هو ببساطة عبارة عن دعاية، ولكنها مباشرة أكثر ومتكرّرة. لذلك، كثيرًا ما تستعمل الحكومة الصينية الشعارات لترويج أفكار، وقيم، ومواقف سياسية. نستطيـع أيضًا أن نعتبـر الشعارات السياسية بمثابة الكلمة التي توجّهها الحكومة للشعب. ولكن في هذه الشعارات المُروّجة لسياسات الـح ش ص، ليس من الصعب أن نلمس نزعتها نحو العنف والقسوة.

VIII. إخضاع كامل البلاد لغسل دماغي وتحويلها لـ "سجن فكري"

إنّ السلاح الأكثر فاعلية الذي يستعمله الـح ش ص للإبقاء على حكمه الجائر هو نظام المراقبة. إنّ الـح ش ص يفرض، بطريقة منظمة جدّا، عقليّة طاعة وخضوع على كلّ فردٍ من أفراد شعبه. لا يهمّ إن كان هو نفسه متناقضًا أو كان يغيّر بصفةٍ دائمة سياسته، طالما أنه قادر على وضع طرق صارمة منظمة لحرمان الشعب من حقوقه الإنسانية الأساسية. إنّ كبّاشات الحكومة موجودة دائمًا وفي كلّ مكان. إن كان ذلك في المناطق الريفية أو الحضرية، من يحكم المواطنين هي اللجان المعروفة بـ "اللجان البلدية" أو لجان الشوارع. إلى يومنا هذا، يحتاج المواطنون لموافقة هذه اللجان إن كان ذلك للزواج أو للطلاق أو لإنجاب طفل. الإيديولوجية، طريقة التفكيـر، المنظمات، البنية التحتية الاجتماعية، آليّات الدعاية، والنظم الإدارية للحزب، كلها لا تخدم سوى هدفه الديكتاتوري. إنّ الحزب، من خلال أساليب حكمه، يحاول جاهدًا أن يراقب ويتحكـّم في كلّ فكرةٍ وفعـل ٍ شخصيّـيْن.

إنّ الفظاظة التي يتحكـّم بها الـح ش ص في شعبه لا تقـف عند التعذيب الجسدي، إنه يُرغم الناس أيضًا على فـقدان قدرتهم على التفكير الشخصي الحرّ، إنه يصنع منهم جبناء ودفاعيّين لا يقدرون على الكلام بصراحة. إنّ الهدف من نفوذه هو الغسل الدماغي لكلّ مواطن من مواطنيه، بحيث يصير يفكـّر ويتكلــّم مثـل الـح ش ص، ويفعـل ما يطلبه الـح ش ص.

هناك مَثـل يقول :"سياسة الحزب هي مثل القمر، تتغيّـر كلّ 15 يومًا". وكلّ مرّة يُغيّـر فيها الحزب سياساته، فإنّ كلّ شخص في البلاد يجب أن يتبعه. عندما يستعملك الـح ش ص ليؤذي الآخرين عن طريقك، فيجب أن تشكر الـح ش ص لأنه أحسن الظنّ بقدراتك ؛ عندما تكون مجروحًا، يجب أن تشكر الـح ش ص لأنه أعطاك درسًا ؛ عندما تتعرّض للميز والظلم ثمّ فيما بعدُ يعوّضك الـح ش ص عنه، يجب أن تشكر الـح ش ص لكرمه الكبير، ولسعة صدره ولقدرته على إصلاح أخطاءه. إنّ الـح ش ص يُمدّد طغيانه عبـر دوراتٍ متعاقبة من الظلم المشفوع بالإصلاح والتعويض.

بعد 55 سنة من الجور، سمّم الـح ش ص روح الأمّة وسجنها في الفضاء الذي حدّده لها. التفكيـر خارج إطار ذلك الفضاء يُعتـَبَـرُ جريمة. بعد صراعات متكرّرة، يمتدحون الغباوة ويسمّونها حكمة ؛ وصار الجبـن وسيلة أساسية للعيش. في مجتمع عصريّ تـلعب فيه الانترنت دورًا رئيسيّا في تبادل المعلومات، يصل الأمـر بالـح ش ص إلى أن يطلب من الشعب أن يمارس على نفسه الرقابة الذاتية وألاّ يقرأ المعلومات القادمة من الخارج، وألاّ يدخل إلى مواقع بواسطة كلمات- مفاتيـح مثـل "حقوق الإنسان" أو "ديموقراطية".

إنّ قيام الـح ش ص بغسل دماغ شعبه أمر عديم المعنى، عنيف، وحقير، ولكنه متواجد دائمًا وفي كلّ مكان. لقد شوّه الـح ش ص القيم الأخلاقية ومبادئ المجتمع الصيني، لقد أعاد صياغة قواعد السلوك وطريقة عيش الأمّة. يستعمل الـح ش ص بصفة مستمرّة طرق تعذيب فكرية وجسدية ليقوّي ديكتاتوريته ويُرسي نفوذه المطلق على الصين مع "دين الـح ش ص" المهيمن.

خاتمة

لماذا على الـح ش ص أن يصارع دومًا للحفاظ على سلطته ؟ لماذا يعتقد الـح ش ص أن الصراع باق لا نهاية له ما دامت الحياة ؟ من أجل تحقيـق بغيته، هو لا يتردّد في قـتل الناس وإتلاف البيئة والمحيط، إنه لا يأبه كذلك بالفقر الجاثم على معظم القرويين وعدد كبير من الحضريين.

أمن أجل ايديولوجية الشيوعية يواصل الـح ش ص هذا الصراع بلا نهاية ؟ الإجابة هي لا. إنّ إحد مبادئ الحزب الشيوعي هي إزالة الملكية الخاصّة، وهو ما سعى لفعله عندما حصل على السلطة. لقد كان الـح ش ص يظنّ أن الملكية الخاصّة هي أصل كلّ الشرور. ولكن، إثـر الإصلاح الاقتصادي في السنوات 1980، أصبحت الملكية الخاصّة مُباحة من جديد في الصين وتتمتـّع بحماية الدستور. لو استطاع الناس كشف أكاذيب الـح ش ص، فسيروْن بوضوح أنه طيلة هذه الـ 55 سنة من الحكم، لم يقم الحزب سوى بإخراج مسرحية...مسرحية توزيـع الثروات. وبعد بعض دوراتٍ من "التوزيـع"، ذوّب الحزب بكلّ بساطة رأسمال الآخرين في أملاكه الخاصّة.

يدّعي الـح ش ص أنه "نصير الطبقة العاملة". مهمّـته هي القضاء على الطبقة الرأسمالية. ومع ذلك فإنّ قوانينه اليوم تسمح للرأسماليين - دون لبس ٍ- بأن ينضمّوا للحزب. أعضاء الحزب لم يعودوا يؤمنون به ولا بالشيوعية، وجود الـح ش ص إذ ًا لا مبرّر له. ما بقي من الحزب الشيوعي لا يعدو أن يكون قشرة مُفرغة من محتواها المزعوم.

هل كان هذا الصراع الطويل يهدف إلى حماية أعضاء الـح ش ص من الفساد ؟ لا. بعد 55 سنة من الحكم، نجد أن الفساد وسرقة الأموال والسلوكيات اللا- قانونية والأعمال المضرّة بالأمّة والشعب لا تزال منتشرة بشكـل واسع بين موظفي الـح ش ص عبر كامل البلاد. في هذه السنوات الأخيرة، 8 ملايين - من جملة قرابة 20 مليون موظف من موظفي الحزب في الصين - وقع تتبّعهم عدليّا ومعاقبتهم بسبب جرائم تتعلــّق بالفساد. كلّ سنة، نجد أنّ قرابة مليون شخص يشتكون إلى السلطات المعنيّة من الموظفين الفاسدين الذين لم تـقع مراقبتهم. من يناير إلى سبتمبر 2004، حقــّـق المكتب الصيني لتصريف الأموال في حالات عمليات تصريف غيـر قانونية في 35 بنكـًا و41 مؤسسة، واكتشف تصريفـًا غير قانوني يُقدّر مبلغه الجمليّ بـ 120 مليون دولارًا أمريكيّا. حسب إحصائيات السنوات الأخيرة، هرب ما لا يقـلّ عن 4.000 موظف من موظفي الـح ش ص من الصين حاملين معهم مبالغ مالية طائلة مسروقة من خزائن الدولة تبلغ في الجملة عشرات المليارات من الدولارات.

هل كان الهدف من الصراعات هو تربية الشعب وإصلاح ضميره وجعل الشؤون الوطنية من بين مشاغله ؟ الإجابة هي "لا" أخرى مدوّية. في صين هذه الأيّـام، نجد أن الجري وراء الربح المادّي لا هوادة فيه، وأنّ الناس قد فـقدوا الخصلة الأصلية المتوارثة، خصلة النزاهة. لقد أصبح أمـرًا عاديّا أن يخدع المرء عائلته ويحتال على أصدقاءه. إزاء عديد المسائل الهامّة مثـل حقوق الإنسان أو اضطهاد الفالون غونغ، نجد أن ردّ فعل الكثير من الصينيين هو اللا- مبالاة، أو أنهم يرفضون الحديث فيها. احتفاظ الشخص برأيه لنفسه وعدم قول الحقيقة هي وسيلة أساسية للبقاء على قيد الحياة في الصين اليوم. في الآن نفسه، يغتنم الـح ش ص كلّ فرصةٍ ليحرّك في الناس أكثر وأكثر شعور الوطنية. يستطيـع مثلاً أن يتصرّف بحيث يجعل أفراد الشعب الصيني يرمون الحجارة على السفارة الأمريكية أو يحرقون الأعلام الأمريكية. لقد وقعت معاملة الصينيين إمّا على أنهم قطيـع مطيـع أو على أنهم جمهور هائج، ولكن أبدًا على أنهم مواطنون يتمتـّعون بحقوقهم الإنسانية مضمونة. إنّ المبادئ الأخلاقية التي تكلــّم عنها كونفوشيوس ومنشيوس قد كوّنت، لمدّة آلاف السنين، قاعدة النظام الاجتماعي وسيادة الدولة. "إن وقـع التخلــّي عن هذه المبادئ، إذ ًا فلن يكون للناس أيّ قانون يتـّبعونه ولن يستطيعوا بعد ذلك التمييز بين الخير والشرّ. سيسلك كلّ منهم طريقه...سوف ينطمس الداوو." [9]

إنّ غاية الـح ش ص من صراع الطبقات هي خلق الفوضى بصفة مستمرّة، وبفضل تلك الفوضى يستطيـع أن ينـتصب بإحكام بصفته الحزب الأوحد والأعلى في الصين، وأن يستعمل ايديولوجية الحزب ليسيطر على الشعب الصيني. إنّ مؤسسات الحكومة، والقوى العسكرية، ومعلومات وسائل الإعلام هي كلــّها أدوات يستعملها الـح ش ص للحفاظ على ديكتاتوريته. وبعد أن نقـل أمراضًا قاتلة للصين، فإنّ الـح ش ص هو نفسه على حافة الموت الآن، ولا مفـرّ من سقوطه.

بعض الناس يُبدون تخوّفـًا من الفوضى التي ستشهدها البلاد إذا انهار الـح ش ص، من سيحلّ محلّ الـح ش ص في حكم الصين ؟ أثناء الـ 5.000 سنة من تاريـخ الصين، لن تعدو الـ 55 سنة من حكم الـح ش ص أن تكون سحابة ومرّت. للأسف، أثناء هذه الفترة القصيرة التي دامت 55 سنة، بدّد تمامًا المعتقدات والقيم الأصلية الصينية، وحطم المبادئ الأخلاقية والبُنى الاجتماعية المتوارثة، محوّلاً المحبة والرعاية بين الناس إلى صراع ٍ وكرهٍ، معوّضًا احترام السماء والأرض والطبيعة بالبجاحة التالية :"حبّ الغزو والاكتساح هي طبيعة بشرية". وعملاً تخريبيّا بعد آخـر، حطـّم الـح ش ص شيئًا فشيئًا النظام الاجتماعي والأخلاقي والبيئي تاركـًا الأمّة الصينية في أزمة عميقة.

في تاريـخ الصين، كلّ حاكم طيّب كان يعتبر أن محبّة الشعب وإطعامه وتنشئته هي مسؤولية الحكومة. الطبيعة الإنسانية تجنحُ إلى الطيبة، ودور الحكومة هو تفجير ينابيـع هذه الطبيعة الإنسانية الفطرية. قال منشيوس :"إنها طريق الناس : أولئك الذين لديهم سند متمثـل في الموارد القارّة ستكون نفسيتهم مستقرّة، بينما أولئك الذين ليس لديهم سند متمثـل في الموارد القارّة لن تكون نفسيتهم مستقرّة." [10] لقد اتـّضح أنّ التربية دون ازدهار مادّي هي عديمة الجدوى ؛ وقد احـتقر الشعب الصيني الحكـّام الطغاة الذين لم تكن في قـلوبهم أيّ محبّة نحو شعبهم وكانوا يقـتلون الأبرياء.

أثناء الـ 5000 سنة من التاريـخ الصيني، وُجـِد هناك عديد الحكـّام الطيبين مثـل الامبراطور وان والامبراطور وو من العائلة المالكة جو، والامبراطور وان والامبراطور جينغ من العائلة المالكة هان، والامبراطور تانغ تايتسونغ من العائلة المالكة تانغ، والامبراطور كانغتسي والامبراطور تشيانلونغ من العائلة المالكة تشينغ. إنّ الازدهار والرخاء الذي كان ينعم به الناس في ظلّ حكم هذه الأسَـر المالكة كان بفضل حكـّام يمارسون الداوو الإلهي، ويتـّبعون طريق الوسط، ويسعوْن وراء السلام والانسجام. إنّ صفات الحاكم الطيب تتمثـل في توظيف الناس المقتدرين والفاضلين، وفي اتساع صدورهم أمام اختلاف الآراء، وفي كونهم يُعـلون العدل والسلام ويُعطون الناس ما يحتاجونه. وبهذه الطريقة، ينصاع المواطنون طواعية ً للقوانين، ويكون لديهم حسّ مهذب وعادة احترام الآخرين، ويكونون سعداء ويعملون بجدّ وحماس.

عندما نلقي نظرة على العالم، كثيرًا ما نتساءل عمّا يحدّد ما إذا كانت دولة مّا ستنعم بالازدهار أو ستتلاشى، علمًا وأنّ رقيّ أمّة أو سقوطها لديهما أسباب. بعد الـح ش ص، يمكن أن نتوقــّع أن السلام والانسجام سيعودان من جديدٍ إلى الصين. يعود الناس صادقين، مهذبين، متواضعين ومتسامحين ؛ ستهتمّ الأمّة من جديدٍ بالحاجيات الأساسية للشعب، وكلّ المهن سوف تزدهر من جديدٍ.

ملاحظات :

1- راجعوا "أرشيف الأغذية والمنتوجات" في تاريخ الأسرة المالكة هان (هان تشو). "كلّ شيءٍ تحت السماء" تعني الصين تحت حكم الأباطرة.

2- تشيان يوشانغ، الثقافة الشرقية، الطبعة الرابعة، 2000.

3- غاوو غانغ و داوو شوشي كانا عضويْن في اللجنة المركزية. في 1954، وبعد محاولة فاشلة في الصراع على السلطة، وقع اتهامهما بتهمة التؤامر لتقسيم الحزب وإثر ذلك وقع طردهما. هو فانغ هو عالم وناقد أدبيّ، وقد كان معارضًا للسياسة الأدبية العقيمة للـح ش ص. تمّ طرده من الحزب سنة 1955 والحكم عليه بـ 14 سنة سجنـًا. من 1951 إلى 1952، أطلق الحزب حملة "الأضداد الثلاثة" وحملة "الأضداد الخمسة" وذلك باسم القضاء على الفساد والفوضى والبيروقراطية داخل الحزب والحكومة والجيش والتنظيمات الكبرى.

4- لو سون أو لو هسون (25 سبتمبر 1881-19 أكتوبر 1936)، يُعتبر مؤسس الأدب الصيني "المحلـّي" الحديث (بايهوا)، وكان أيضًا مترجمًا مميّزًا. لعب دورًا هامّا في تاريـخ الأدب الصيني بصفته كاتبًا ينتمي للجناح الأيمن. كتبه كان لها كبير الأثر في نفوس كثير من الشباب الصيني. درس الطبّ في سنداي باليابان سنة 1909، ثمّ عند عودته إلى الصين، أصبح أستاذ ًا محاضرًا بجامعة بيكين وبدأ في الكتابة.

5- امبراطور اليشب والملك التنين هما شخصيتان ميثيولوجيتان. امبراطور اليشب يُعرَفُ رسميّا بذي اليشب الجليل المهيب، ويعرفه الأطفال والناس ذوو الثقافة المتواضعة بـ "الجدّ السماويّ"، وهو حاكم السماوات وأحد أهمّ الآلهة في مجمع الآلهة الطاويّ. الملك التنين هو حاكم المحيطات الأربعة. كلّ محيطٍ يوافق الاتجاهات الرئيسية الأربعة ويحكمه ملك تنين. الملوك التنينات تعيش في قصور من الكريستال، يحرسها جنود قريدسات وقوّاد سرطانات. بالإضافة إلى سيادتها على الحياة المائيّة، تتحكم الملوك التنينات أيضًا في السحاب والمطر. يُقال أن الملك التنين الذي يحكم بحـر الشرق هو صاحب المملكة الأكثر اتـّساعاً.

6- بانغ داخواي (1898-1974) : قائد سياسي وماريشال شيوعي صيني. كان بانغ قائدًا عامّا في الحرب الكوريّة، ووزيرًا أوّلاً مساعدًا في لجنة شؤون الدولة، وعضوًا في المكتب السياسي، ووزيرًا للدفاع من 1952 إلى 1959. أقيل من مهامّه الرسمية لأنه لم يستحسن النظريات اليسارية لماوو في الجلسة المكتملة للـح ش ص بلوشان سنة 1959.

7- جاوو غاوو (تاريخ الولادة غيـر معروف، مات في 210 ق.م) : رئيس الخدم لدى الأسرة المالكة تشين. في 210 ق.م، بعد موت الامبراطور تشين تشي هوانغ، قام جاوو غاووو، بصحبة الوزير الأول لي سي والابن الثاني للامبراطور هو هاي بتأليف وصيّـتيْن (زعمًا أنهما وصيّـتا الامبراطور)، ومحتوى هاتين الوصيّـتيْن : إحداهما تسمّي هو هاي امبراطورًا جديدًا، والأخرى تأمر الأمير وريث العرش، فو سو، بالانتحار. ثمّ، فيما بعد، احتدمت الخصومات بين جاوو غاوو و هو هاي ؛ فجلب جاوو أيلاً إلى ساحة المملكة وقال أنه حصان. ولم يجرؤ سوى عدد قليل من الموظفين على الاعتراض وقول أنه أيل. اعتبر جاوو غاوو أن موظفيه كانوا ضدّه ونحّاهم من وظائفهم الحكومية.

8- مجزرة داسينغ حدثت في شهـر أغسطس 1966 أثناء تغيير حكومة الحزب ببيكين. في ذلك الحين، ألقى سيي فوجي، وزير الأمن العامّ، خطابًا أثناء انعقاد اجتماع بمكتب الأمن العامّ ببيكين، داعيًا إلى عدم التدخل إزاء الأعمال التي يمارسها الحرس الأحمر ضدّ "الطبقات السوداء الخمس". وسريعًا ما وقـع تمرير هذا الخطاب في اجتماع للجنة التنفيذية لمكتب الأمن العامّ بداسينغ. وبعد الاجتماع، تحرّك المكتب في الحين، ورسم خطـّة لتحريض سكـّان مقاطعة داسينغ على قـتل "الطبقات السوداء الخمس".

9- دو كانغ يوواي، مجموعة الكتابات السياسية، 1981. كانغ يوواي (1858-1927) كان مفكـّرًا كبيرًا ومُصلحًا في نهاية فترة تشينغ.

10- لـمنشيوس. 

 

 

جميـع الحقوق محفوظة للناشر - صحيفة الإيبوك تايمز